728 x 90



img

تعد السفيرة الفخرية لجمعية أصدقاء الصحة النفسية “وياك” الأكاديمية والإعلامية والأديبة د. حنان الفياض، من الشخصيات ذات التأثير المجتمعي البالغ، فمن خلال وجودها كإعلامية بفضائية الريان وكرئيسة لقسم اللغة العربية بجامعة قطر، استطاعت أن تكون لها دائرة قوية من العلاقات العامة والتي فتحت من خلالها آفاقاً للتواصل مع الجميع، الأمر الذي هيأها فعلاً لتكون واحدة من السفراء الفخريين للجمعية الأهلية الخيرية لتسهم بدورها في نشر رسالة الجمعية في مختلف الأوساط.

*ماذا عن بداياتك في مجال الإعلام؟.

– كتبت عدة مقالات في جريدة الشرق القطرية وفي مجلات ثقافية أخرى، ويعود الفضل للشرق التي مثلت أعظم نقلة حدثت في حياتي إلى دخولي مجال الإعلام، حيث ضمن لي هذا الخط موطئ قدم في كل بيت قطري، وهذا أعظم إنجاز أفخر به إلى اليوم.

ومما يستحق الفخر أيضا انضمامي سفيرة فخرية لجمعية (وياك) للصحة النفسية، وهذا الترشيح من قبل إدارة الجمعية في حقيقته كان تكليفاً أكثر منه تشريفا، كما حصلت على الجائزة المتميزة في الإعلام في عام 2015، وهي جائزة تنافسية تطرحها جامعة قطر لأكثر أعضاء هيئة التدريس تميزا في المجال الإعلامي.

*كيف يمكن للدكتورة حنان نشر ثقافة الصحة النفسية في دائرة علاقاتها ومن خلال شهرتها كأكاديمية وإعلامية وأديبة أيضا؟.

– في البداية أقول إن دوري في الصحة النفسية ينبثق من واجبي الديني ثم مسؤوليتي الوطنية، سواء أكنت سفيرة لـ(وياك) أم لم أكن، غير أن انتسابي للجمعية، وقبولي بنشر رؤيتها هو مسؤولية أخرى تضاف لما سبق.

أما نشر ثقافة الصحة النفسية فيبدأ بتقديم النموذج السوي، وينتهي بالدعوة إليه، وفي المجالين الأكاديمي والإعلامي متسع كبير لتحقيق ذلك، فالمدرس – في أي مستوى كان – بيده أن يصنع الكثير في هذا الجانب، ولاسيما إذا كان هو ذاته سويا متصالحا مع نفسه، وهذا يدفعني لدعوة كافة المسؤولين عن سلك التعليم لتحري هذا الجانب والتدقيق فيه، فلا يمكن أن يستقيم أمر التعليم في ظل مدرسين يرزحون تحت وطأة ظروف نفسية قاسية، أو ينتهجون نهج التشاؤم والسلبية.

وما يُقال في الإعلام لا يقل أهمية عما يُقال في التعليم، فالإعلام منبر حر يتابعه الآلاف، ولا يمكن أن يُتجاهل تأثيره، ومن جهتي كنت شديدة الحرص على تقديم ثقافة نفسية واسعة من خلال استضافة عدد من استشاريي الجمعية ومناقشتهم في بعض الجوانب النفسية الخطيرة في حياة الفرد، وانعكاساتها على المجتمع، وذلك من خلال البرنامج الأسبوعي الذي أقوم بتقديمه عبر قناة الريان وهو برنامج (الدانة).

* الثقافة النفسية

هل تعتقدين أن المجتمع القطري يملك الثقافة النفسية المناسبة؟.

-الحقيقة إن أغلب المجتمعات العربية لا تمتلك الثقافة النفسية الجيدة لمواجهة التحديات الحالية، ولو أنها كانت كذلك ما رأينا إلى اليوم هذا الإحجام والتحفظ في معالجة المشكلات النفسية عند الكثير من الناس.

أما بالنسبة لنشر الثقافة النفسية، فهو ليس بالأمر السهل، ولكنه ليس بالمستحيل، وأعتقد أن الجهود التي تقوم بها (وياك) كان لها دور بارز في تخطي الكثير من العقبات، ولكني أعتقد أن المجتمع بمؤسساته لا بد أن يعاون الجمعية لتنهض بدورها الذي أُسست من أجله، وخاصة أنها لم تؤسس لأغراض ربحية أو دواع تجارية، بل هي المسؤولية الوطنية والواجب الديني، لذلك فيجب أن تحظى هذه الجمعية بدعم لا يقل عما يحظى به سواها من الجمعيات الخيرية الأخرى.

* كأستاذة جامعية.. هل تعتقدين أن الطلبة في المراحل التعليمية المختلفة يحتاجون إلى رعاية أو إرشاد نفسي؟.

– بالتأكيد يحتاجون، إن الواقع الذي نعيشه حاليا واقع خطير، فنمط الحياة السريع المنفتح مطلقا على الآخر المتعدد الهويات، المحرض على الانجذاب لكل ما هو جديد وغريب، كل ذلك يجعل الواقع خطيرا جداً، ويزيد من خطورته الهوة السحيقة التي صنعتها ظروف الحياة بين أولياء الأمور وأبنائهم، حيث الانشغال الدائم المستمر بالعمل وملاحقة نمط الحياة السريع، كل ذلك قد يجعل النشء يعيش في عالم آخر، وينجذب إليه، ويتبناه وهو لا يدرك ما يفعل، وربما كان هذا العالم الآخر فيه ما فيه من التناقض والتضارب مع عاداته وتقاليده وتعاليم دينه، ومن هنا تبدأ المشكلات النفسية في الظهور على هيئة أمراض نفسية لا تعلن عن نفسها بشكل واضح، بل قد تبقى مستكنَّة في النفس، فلا يعلم بها أصحابها إلا بعد أن تتطور وتستفحل، لكل ما ذكرت فإني أرى أيضا ضرورة مواجهة المشكلات والاضطرابات النفسية مبكرا قبل أن تتحول إلى قنابل موقوتة تؤذي المجتمع وتصدمه بمن علق عليه آماله وأحلامه.

دعم “وياك”

* كيف يمكن تقديم الدعم للبرامج التي تهتم بالصحة النفسية؟.

– لا أظن أن خطورة الأمراض النفسية على الحالة الصحية وعلى استقرار المجتمع من الممكن أن تخفى على أحد، ولا أعتقد أن أحدا لا يدرك أن مريض السرطان لا يستطيع أن يتماثل للشفاء إذا لم تتوفر له رعاية نفسية جيدة، وأن المعاق السوي نفسيا قد ينتج ويبدع ويسجل للوطن ما لا يسجل له الأصحاء، ولا أظن أن أحدا يغيب عن ذهنه أن الأمراض النفسية سبب رئيس في كثير من الأمراض العضوية ومن بينها السرطان أيضا.

ومع أن الدعم المالي أحد أهم أسباب نجاح المؤسسات الخيرية، فإنه ليس السبب الوحيد، فبإمكان (وياك) أن تحقق نجاحاتها على جميع الأصعدة حتى مع شُح الدعم، ولكن الفائز في هذا المضمار من الداعمين هو الذي سيسجل بصمته في هذا المشروع الرائد ذي الرؤية المستقبلية المستنيرة.

خلال اجتماع السفراء الفخريين لجمعية أصدقاء الصحة النفسية تمت مناقشة موضوع التوسع في أعمال الجمعية فما هو طموحكم؟.

– مشروع نفسي مجتمعي كبير بحجم “وياك” لا بد أن تكون له طموحات ليكبُر في المجتمع، ليتسنى له أن يؤدي دوراً أعظم يقدم خدماته في المجتمع بلا حدود، نعم نطمح في تحقيق الكثير في الواقع، في اجتماع السفراء الفخريين تحدثنا عن طموحاتنا المستقبلية ومنها رغبتنا في تقديم خدمات الاستشارة النفسية على مدار الساعة وخلال كامل أيام الأسبوع، وكذلك نطمح إلى إنشاء مركز “وياك” للتطوير والتدريب النفسي والوصول لكافة محتاجي خدمات الجمعية ومؤازرة ودعم متلقي الخدمات النفسية بلا استثناء وزيادة المختصين بالإرشاد النفسي المجتمعي من خلال عقد المزيد من دورات دبلوم “المرشد النفسي والمجتمعي” إننا نطمح للوصول لكل بيت قطري يحتاج لخدماتنا.

مشكلة الطلاق

يعد الطلاق من المشاكل الكبيرة التي تعصف بالأسرة في المنطقة الخليجية.. ماذا قدمت (وياك) للحد من هذه الظاهرة؟.

-فعلاً مشكلة الزيادة في نسبة حالات الطلاق في المنطقة غدت مقلقة للغاية، ومن المعلوم أننا في جمعية أصدقاء الصحة النفسية معنيون بهذا الأمر على أساس أن المشاكل الأسرية ومنها الطلاق تأخذ أبعاداً نفسية غالباً، لذلك تسهم الجمعية في استقبال الاستشارات الخاصة بالعلاقات بين الأزواج على هواتف الاستشارات النفسية ومن خلال موقع الجمعية، وكذلك باستقبال الحالات لمقابلة المرشدين النفسيين والمجتمعيين، كما أننا نعمد لتنظيم المحاضرات والندوات والدورات التي تعمق أواصر الزوجية وآخرها كانت دورة الرومانسية النفسية في الحياة الزوجية والتي حضرتها أعداد غفيرة من المتزوجين وكذلك كانت هناك أعداد من المقبلين على الزواج.

* نجحتم في جمعية الصحة النفسية في تنظيم برنامج “رحلتي مع أميمتي”، وهو برنامج خاص بتنظيم العلاقة بين الأم وابنتها. فكيف حققتم هذا النجاح؟.

– الفكرة من البرنامج من خلال تواصل الجمعية مع المشرفات النفسيات والاجتماعيات في المدارس وجدنا هناك حالات من الطالبات يعشن حالة من القلق الناتج عن عدم وجود تفاهم تام مع أمهاتهن، لذلك فكرنا بتنظيم هذا النمط من الرحلات، والتي تجمع بين البنت وأمها وخلال هذه الرحلة ننظم برامج خاصة تسهم في ضبط العلاقة بينهما، وقد نجحنا في إطلاق هذه الرحلة في شهر فبراير وقد عدنا إليها مرة أخرى في شهر أبريل .

* هل نتوقع أن نرى (وياك) في السنوات المقبلة قد تجاوزت الحدود الإقليمية لتنطلق كمؤسسة عربية أو عالمية؟ وإذا كان الجواب بـ (نعم)، فما هي السبيل المتعين سلوكها للوصول إلى ذلك الهدف؟.

لا أستبعد هذا، ولتحقيق ذلك فلا بد من تحقيق نجاح كاسح يبدأ من قطر فالخليج فالعالم العربي، والمسألة ليست سهلة إطلاقا، لأن المشكلات النفسية ربما تكون أكثر تعقيداً خارج قطر، وربما يكون من الصعب مقاومتها، ولكن يظل الحلم أمرا مشروعا، والعمل الخيري العابر للقارات يعبر بنوره وليس بقناعة البشر فيه.

* ما أهمية أن تقيم (وياك) علاقات مع المؤسسات العالمية التي تهتم بالجوانب النفسية والسلوكية للإنسان؟.

– إذا كانت المؤسسة تطمح لعبور العالم فلا يمكنها أن تتجاوز مثل هذه العلاقات، هذا فضلا عن القيمة التي تكتسبها الجمعية من خلال تبادل الخبرات مع مثل هذه المؤسسات، وهي خبرات تضيف بلا شك قيمة لما تقدمه (وياك) لقطر في المقام الأول، وهذا ستكون له انعكاساته على سمعة الجمعية ونجاحاتها. ولكني هنا أحب أن أضيف أن الجمعية لا بد أن تكون حذرة في مثل هذا التعاطي، فالصحة النفسية في كثير من الأحيان تنبثق من جذر المجتمع بما فيه من عادات وتقاليد وأديان، ولا شك أن الاختلاف بيننا وبين الآخرين في هذا الجانب سيؤدي دورا هاما في تباين الأمراض النفسية واختلافها من مكان لآخر، لذلك فالعلاقة ضرورية لرسم الخطط والمنهجيات، وربما تكون جيدة في جانب التطبيق إذا روعيت الفروق بين المجتمعات، ووضعت في الاعتبار.

وفي النهاية الانفتاح على الآخر أمر تطلبه طبيعة المرحلة، إذ ما زلنا حديثي عهد بالاهتمام بالصحة النفسية، والإفادة من خبرات الآخرين مع الحذر ستكون ذات نتائج جيدة بلا شك.

حنان الفياض: دخولي مجال الإعلام من خلال "الشرق" أعظم إنجاز أفتخر به

الصور

اقرأ ايضا

الأقسام