وسواس في العبادة

التاريخ: 2017-01-14

الإستشارة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ فترة تقارب السنة وأنا مصابة بوسواس في العبادة وفي النية تحديدا.. إذا نويت الصلاة تراودني أفكار بأن النية تغيرت، بأني نويت أصلي السنة وأنا مكبرة للفريضة، بأن نيتي انقطعت، إذا هممت بالسجود وكنت أفكر بأحد يقول أنك سجدت له، إذا أردت أن أصلي يأتيني ويقول أنتِ ترائين، حتى أصبحت أفضل أن أصلي وحدي! منذ أصبت بهذا المرض وحالتي النفسية كل يوم تسوء! مللت من هذه الوساوس لكن كيف السبيل للخلاص منها، بحيث أني أصلي براحة وانشراح دون أن تأتيني نفس هذه الوساوس.. حتى أصبحت قبل أن أصلي أحمل همًا كبيرًا بدل أن أكون مرتاحة.. أنا أهمّ ما عليّ صلاتي إذا صلحت صلح سائر عملي، فأودّ أن تكون خالية من هذه الوساوس القاهرة !
أرجو الإفادة وسرعة الإجابة لأن حالتي لا تتحمل التأخير فحالتي الآن لا يعلم بها إلا الله.

الجواب:

أهلا بك أختنا السائلة في موقعك (وياك) وإنا سعداء بتواصلك معنا ونسأل الله أن ييسر أمرك وان يفرج كربتك إنه جواد كريم ، وأما ما تفضلت به من تساؤل فإنا نحب أن نجيبك من خلال بعض النقاط التالية:
أولاً: ابتداء شكرَ الله لك حرصك على إقامةِ الصلاة، وعلى تدينك بصفة عامة، وأما الحديث عن الوسواوس فنحن نتفهمُ ثقله عليك، وتأثيره على حياتك، ونحنُ على ثقةٍ من أنَّ الأمرَ عارضٌ وزائلٌ إن شاء الله، وهذا اليقين هو أول العلاج، بل نِصفُ العلاج ، والبقيةُ ستأتي من خلالِ الجواب، فأمِّلي في الله خيراً -أختنا- وثقي أنَّ الله ناصر من تمسّك بسنته.
ثانيا: نريدك أن تعلمي أن ما يحدث معك هو أمر طبيعي ، وغالبا لم لم ينجو أحد منه ، حتى بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال: قالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَحَدَنَا لَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِالشَّيْءِ يَعْظُمُ عَلَى أَحَدِنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: ((أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ))، أي: هذا هو الإيمان الصَّريح الخالص؛ وعليه فما يحدث معك مصدره الشيطان ، يريد أن يعكر علىك تدينك .
ثالثا: نريدك أختنا أن تتعاملي مع هذا وساوس وفق ما يلي :

1- احتقاره : لا تجعلي له شأنا ، ولا أثرا ، ولا تفكري فيه ، فالإنسان إذا احتقر أمرا هان عليه ، وإذا ضخم شيئا وقع فيه .
2- إذا ذهبت إلى الصلاة فتوضئي جيدا وتذكري أن ما قمت بفعله.
3- إذا وقفت في الصلاة فتذكّري عظمة الله عزّ وجلّ، وبأنّه هو مالك المُلك، وبأنّك بين يدي ربّ عظيم وهو الذي خلقك ورزقك وأنعم عليك بالحياة، وإذا شاءَ جلَّ جلاله أدخلك الجنّة أو غير ذلك والعياذ بالله، فبهذهِ المشاعر المختلطة بين الإقبال والخوف والرجاء يكون المؤمن مُسيطراً على وساوس الشيطان ودخائل النفس، ومقدّراً لعظمة العبادة لأنّها تؤدّى لِربٍّ جليلٍ عظيم.
4- احذري أن تدخلي الصلاة وأنت مشغولة ، أو تدخليها بلا نية فإن هذا مدحل عظيم للشيطان ، واعلمي أن النيّة الصادقة والدخول إلى الصلاة بجهازية عالية سوفَ يُعينك على التخلّص من أي وساوس تعتري هذهِ العبادة.
5- تجنّبي أن تُصلّي في مكانٍ مليء بالضجيج والأصوات أو بجوار تلفاز أو شيئ يشوش تفكيرك ويشتت ذهنك ويذهب خشوعك فيحل الشيطان ساعتها
6- لا تلتفتي إلى وساوس الشيطان بعد انتهاء العبادة ، فإن تلك الوساوس لا محل لها ولا عبرة بها ، فإن أتاك الشيطان بعد الصلاة وأخبرك أن الصلاة ناقصة سجدة أو ركعة فلا عبرة بحديثه ما دمت قد انتهيت من الصلاة أ والعبادة .
7- إذا أتاك وأنت في العبادة فابني على الأقل ، فإذا أخبرك بأنك صليت ثلاثا أو اثنين وانت في صلاة المغرب فاجعليها اثنين وأتمي الصلاة .
8- إذا شكك في النية فاستعيذي وجددي النية مرة أخرى ، ولا حرج عليك .
9- إذا اتّخذت كلّ الأسباب التي تُعينك على الخشوع في الصلاة وما زال هُناك بعض الوسوسة فاعلمي أنّها من الشيطان وافعلي كما جاءنا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه الامام مسلم أنَّ عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

واخيرا : إن لك الأجر مرتين أختنا الفاضلة ، أجر على الصلاة وأجر على مجاهدة الشيطان ، وإننا على ثقة من أن استمرارك على الطاعة وعلى ما ذكرنا لك من نصائح مؤذن إن شاء الله بصلاح حال صلاتك .
نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك وأن يذهب عنك ما ألم بك ، والله الموفق

د . أحمد المحمدي أحمد متولي
دكتوراه في البحوث والاستشارات , ‏ليسانس حقوق , دبلوم الارشاد الاسري والتربوي