728 x 90



التاريخ: 2017-01-14


الإستشارة:

أنا فتاه مطلقة أبلغ من العمر 32 سنة عندي ولد عمر 11 سنه ؛ صادفتني في حياتي مشاكل وتعديتها بكل طاقتي ومجهودي ؛ خلال ال 4 سنوات الأخيرة تعرفت على ابن جيرانا، وتميت أتواصل وياه في مكالمات ومحادثات لدرجة إني تعلقت فيه لأني كنت وياه 24 ساعه على الخط .. الحين صارت بينا مشكله والولد تركني مع العلم إنه ما حباني كنت إنسانه عزيزة على قلبه واللحين من فترة تغير عليي وفجاة اختفى من حياتي بعد ما كنت أكل وأشرب وأنام واهو ويايي على الخط اللحين راح، ومن يومها نفسيتي تعبانه ما أقدر أكل زين ولا أنام وكل ما أتذكره وأفكر فيه وأصيح ليل ونهار أحس روحي مخنوقه وتعبانه .. عطني حل يا دكتور ..

الجواب:

أهلا بك أختنا الكريمة في موقعك (وياك)وإنا نسأل الله أن يحفظك وأن يبارك فيك وأن يأخذ بناصيتك إلى الحق ، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فاسمحي لنا أن نناقشك من خلال النقاط التالية:

أولا: نتفهم معاناتك بعد الطلاق ، ونتفهم حاجتك إلى رجل تتحدثين إليه ، وتحتمين به ، وتلك طبيعة وغريزة فطرية ، لا يعاب من يستشعرها بل ولا يعاب من يطلبها في الحلال، فهذا حق مشروع ، وليس الطلاق حاجزا بينك وبين الزواج ، بل ولا حتى التقاليد الاجتماعية لا ينبغي أن تكون حائلا دون زواج المرأة متى ما أرادت ذلك .

ثانيا: المشكلة عندك أختنا أنك طلبت ما أحل الله بمعصية الله ، طلبت الراحة النفسية بوجود رجل تتحدثين إليه بطريقة لم يشرعها الدين، وبالطبع جاء هذا الشاب وأنت في أضعف مراحل حياتك، والوحدة أمامك وهي شبح مقلق ، وفي هذه المراحل المرأة تريد من يستمع إليها ، من يحادثها ويتألم لها ، وكان هذا الشاب الذي وجد فراغا في وقته أشبع نهم الملل الذي كنت فيه ، ووجدت عنده ما كنت تبحثن عليه ، والشيطان بدوره أثمر هذه العلاقة ، وحببها إليك وزينها لك ، حتى أنك على مدار هذه السنوات لم تفكري بأن ما تفعليه أمر محرم ولا يجوز ، أو فكرت ولم تتخذي قرارا بالابتعاد، وحين رحل الشاب رحل معه : الأنس الذي كنت تجدينه عنده ، والوقت الذي كان يملأ فراغك ، والكلام الذي كنت تحبين الاستماع إليه ، مع رحيله رحل كل هذا عنك فشعرت بما أنت عليه من ضيق وحرج

ثالثا:أختنا الكريمة : إن أعظم انكسارٍ في الحياة ليس انكسار الناس أمام الناس؛ لأنه يوشك ببعض الجهد وبعض الأخلاق الحسنة مع عامل الزمن أن يندمل، إنما الانكسار الحقيقي أن ينكسر المرء أمام نفسه، أنت امرأة قوية الأرادة وقد تخطيت صعابا كثيرة في حياتك رغم سنك ، وهذا يدل على إرادتك وقوة شخصيتك ، لكنك حين انكسرت أمام نفسك بحاجتك إلى هذا الشخص حدث لك ما أنت فيه ، ولعل هذا يكون درسا لك حتى تستعدي شخصيتك الغائبة ، وقوتك الذابلة ، وإراتك التي رحلت عنك ، وقبل هذا كله : حتى تستعيدي حسن صلتك بالله عز وجل ، فهو المعين على ما أنت فيه ،ولا تجدي راحة إلا في القرب منه ولا عناء إلا في البعد عنه.

أختنا : لقد جعلت الله من غير قصدٍ أهون الناظرين إليك، وقد سترك الله سبحانه ، فاحمدي الله عز وجل على ستر الله عليك ، واعلمي أنه لن ينجبك مما أنت فيه إلا العودة إلا الله، لا تظني أن عودة الشاب إليك هي الحل ، لا أختنا أبدا ، بل قد تكون العودة إليه منك أو منه هو الشر بعينه ، لأنه حتما سيضغط عليك لينتقل الأمر من مجرد الكلام إلى أمور أخرى لا ترتضيها اليوم لكن لا تأمني الشيطان أن يوقعك فيها ، نسأل الله أن يسلمك.

أختنا الكريمة : لن يذهب هذ الوجد في قلبك إلا توبة صادقة وإقبال على الله عز وجل ، والحمد الله أن باب باب التوبة مفتوح، لا تظني أن الله لن يقبل توبتك وقد فعلت ما فعلت، فالله كريمٌ غفورٌ رحيمٌ، وهو القائل: {‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ*وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} أي: يا عبادي الذين أكثروا على أنفسهم من الخطايا والذنوب لا تيأسوا من رحمة الله، {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} أي: إنه يغفر الذنوب جميعاً عظمت أم صغرت، كثرت أم قلت، بل زاد فضل الله وكرمه حين يبدل السيئات والموبقات إلى حسناتٍ كريماتٍ فاضلات، قال الله جل وعلا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.

رابعا: التوبة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم هي الندم، وهي الرجوع عما يكرهه الله من العبد ظاهراً وباطناً، وهي الهداية الواقية من اليأسِ والقنوط، وهي أول المنازل وأوسطها وآخرها كما قال ابن القيم -رحمه الله-، وهي بدايةُ العهد وخاتمته، وهي ترك الذنب مخافة الله عزَّ وجل، وهي استجابةٌ لأمرِ الله، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا تُوبُوا إلى اللهِ توبةً نصوحاً} وهي سببٌ لفلاحك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وتوبُوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنونَ لعلَّكم تُفلحون} وهي الجالبة لمحبة الله لك، قال تعالى: {إن الله يُحبُّ التَّوابينَ ويُحِبُّ المُتطهِّرين} وهي سببٌ لدخولك الجنة ونجاتك من النار، قال تعالى: {فخلفَ من بعدهم خلفٌ أضاعُوا الصَّلاةَ واتبَّعوا الشَّهواتِ فسوفَ يَلقونَ غياً*إلا من تابَ وآمنَ وعملَ صالحاً فأولئك يدخلونَ الجنَّةَ ولا يُظلمونَ شيئاً} وهي الجالبة لنزول البركات من السماء، وزيادة القوة والإمداد بالأموالِ والبنين، قال تعالى: {ويا قومِ استغفِرُوا ربَّكم ثم توبُوا إليه يُرسلِ السَّماءَ عليكم مدراراً ويزدكم قوةً إلى قوَّتِكُم ولا تتولَّوا مُجرمين} وهي من أسباب تكفير سيئاتك، وتبديلها إلى حسنات، قال سبحانه: {إلا من تابَ وآمنَ وعمِلَ عملاً صالِحاً فأولئك يُبدِّلُ اللهُ سيئاتِهم حسنات وكانَ اللهُ غفوراً رحيماً}.

خامسا: إننا ندعوك حتى تصح توبتك، وتعودي كما كنتِ الاخت القوية التي لا تسلم زمامها لمن يتلاعب بها أو بمشاعرها أنأ تقومي بعدَّةِ أمور:

1- الاقتناع الذاتي أولاً بأنك قادرة على تجاوز تلك المرحلة، فما لم يتم الاقتناع الداخلي، فإن العلاج سيكون ناقصاً غير كامل.
2- زيادة التدين عن طريق الصلاة -الفرائض والنوافل- والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عزَّ وجل، واعلمي أن الشهوة لا تقوى إلا في غيابِ المحافظة على الصلاة قال الله {فخلفَ من بعدهم خلفٌ أضاعوا الصَّلاةَ واتَّبعُوا الشَّهوات} فكلُّ من اتبع الشهوة يعلم قطعاً أنه ابتعد عن الصلاة، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظَ عليها، وأدَّاها كما أمره الله، أعانه الله على شهوته.
3- اجتهدي في الإكثار من الصيام؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).
4- ابتعدي عن الفراغ عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة، أو ممارسة نوعٍ من أنواع الرياضة، المهم أن لا تُسلِّمي نفسك للفراغ مطلقاً، وأن تتجنبي البقاء وحدك فتراتٍ طويلة.
5- ننصحك بالاجتهاد في إيجاد بعض الصديقات الصالحات التقيات؛ فإن المرء قويٌّ بإخوانه ضعيفٌ بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، فاجتهدي في التعرف على أخواتٍ صالحات.
6- ننصحك أختنا كذلك بتغيير كل أرقام هواتفك التي يعرفها الشاب ، كذلك قومي بمسح هاتفه وكل وسيلة اتصال بينك وبينها .
هذا أختنا هو الطريق الصحيح لإرضاء الله عز وجل ، ولخروج آمن لما أنت فيه من ضيق وهم ، وهو كذلك فيه حفاظ على ولدك الذي يحتاج منك إلى رعاية ، فهو اليوم مقبل على فترة من أشد فترات حياته قسوة ، ويحتاج إلى مرشد له وموجه ، ومتفهم لحاله ومتابع أمره، هذا هو الطريق أختنا ونحن نعلم أنه صعب عليك في البداية لكن نهايته الخير والسداد .

وأخيراً: اعلمي أختنا : أن الرجوع إلى الشاب مؤلم وفيه عناء ومشقة وهو قاس وقد يقودك إلى ما حرم الله ، وكذلك الابتعاد عنه وأخذ قرار بنسيانه مؤلم ، لكن شتان بين ألم يدفع صاحبه إلى النجاة ، وآخر يدفع صاحبه إلى الهلاك ، شتان بين ألم يرضى الله ، وألم يغضب الله.
إننا واثقون إن شاء الله أن الله سيعينك على ما أنت عليه ، وأن الله سيسدد خطاك ، المهم عليك بالتوكل على الله ، وفعل ما طلبانه منك ، ثم عليك بكثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك ويحفظ أهلك من كل مكروه، ونحنُ ننتظر منك رسالةً تبشرينا فيها بتغير حالك، فإنا نتوقع لك بإذن الله مُستقبلاً باهراً. والله الموفق.

د . أحمد المحمدي أحمد متولي
دكتوراه في البحوث والاستشارات , ‏ليسانس حقوق , دبلوم الارشاد الاسري والتربوي

استبيان

هل لغة المستشار واضحة وسهلة الفهم؟

نعم لا نوعا ما

هل ترى أنك حصلت على الجواب الكافي؟

نعم لا نوعا ما

هل شعرت بالارتياح بعد حصولك على الاستشارة؟

نعم لا نوعا ما

هل احتوت أجوبة المستشار على خطوات عملية سهلة التطبيق؟

نعم لا نوعا ما