728 x 90



التاريخ: 2017-01-14


الإستشارة:

أنا متزوجة من ١٤ سنة لدي ٤ أطفال صفات زوجي (يصلي فروضه وسننها، دين نوعا ما) هذا ما أعرف عنه حينها.. بعد ولادتي منذ ٧ شهور كنت أجلب مربيات لمساعدتي في ابني في الفترة الصباحية.. صعقت بعدها بخبر رفض إدارة المربيات من التجديد معي ولما سألت بالسبب، قالوا لي بأنهن كانوا يتعرضون للتحرش من قبل زوجي..
هذه الصدمة مازلت أتحدث عنها وكانها حدثت اليوم حاولت عدم التسرع والتاكد بنفسي وأكتشف أمور أعظم، حيث قمت بالاتصال بخادماتي السابقين الذين كانوا يعملون لدينا وإذ أكتشفت الكثير أيضا من تحرش زوجي بهم! المهم اعترف زوجي لي وأكد لي أنه تغير، رجوعي له تحت ضغط (أطفالك سيحتاجون أبيهم) من أهلي وأهله، بعد فترة بسيطة من الموضوع حوالي شهرين رأيته أيضا يحاول التحرش بخادمتي الجديدة… الأهم بهذا الموضوع كله هو رغبتي الفعلية بالانفصال لأني بالفعل لا أشعر بالأمان بوجوده في البيت، لأن في خروجي للعمل أو لأي سبب أخاف على خادمات بالمنزل كثيرا.. الموضوع فيه تفاصيل وأمور مرتبطة وتفاصيل لن يفهمها إلا من عاشها، كل مايهمني الآن هو معرفة كيف لي أن أتاكد بأن طلب للطلاق خطوة غير ضاره لأطفالي. الموضوع صار له فترة طويلة ٨ شهور وإلى الآن أرى رغبتي تزيد للطلاق.. فما رأيكم؟ وهل لنا بمخاطبة أحد من أعضائكم لإرشادي بما هو خير لي ولأبنائي!

الجواب:

أهلا بك أختنا في موقعك (وياك) وإنا نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك وأن يقدر لك لك الخير حيث كان وأن يأخذ بناصيتك إليه.
وبخصوص ما تفضلت به فإنا نحب أن نجيبك من خلال من ما يلي:

أولا: إننا نتفهم تماما هذه المشاعر الحزينة والمؤلمة التي أصابتك ، وندرك أن الخيارات المتاحة أمام كل أخت مكانك لها سلبياتها وإيجابياتها، فالتسليم لهذه الحياة أن تصير على هذا النمط أمر مؤلم ويزيد الوضع القاتم قتامة ، وكذلك التفكير في الطلاق أمر جلل وضياع للأولاد بحرمانهم من أبيهم ،بل هو(الطلاق) فوق قدرات المرأة أختنا الكريمة ، فالأولاد مقبلون على فترة المراهقة وهي من أشد واخطر فترات الحياة بل هي المنعرج الأكبر في حياتهم ، وهذه الفترة تحتاج إلى حسم الوالد وحنان الوالدة حتي يعبر الابناء هذا الطريق ، إذا فكلا الخيارين لابد له من ألم ، والعقل يقتضي اختيار أخف الضررين .
ثانيا: إننا لسنا مع أحد الخيارين بل نرى أن التسليم بالحياة المؤلمة التي تقوم على القلق والاضطراب جراء الخوف من تصرفات الزواج بتحرشه بالغير ، كما لأننا لسنا مع الطلاق كحل لتلك الإزمة لما يتبعه من مشاكل لا حصر عليها ، اليوم أنت غير مدركة أبعادها وثقل تبعتها ، وما يتبع ذلك من نظرة المجتمع إلى المطلقة وهي نظرة تدركها كل مطلقة وغير ذلك كثير مما يضيق المقام لذكره،وعليه فإننانرى أن الحل الأمثل هو في طريقة إصلاح الزوج ، هذا الحل يحتاج منك إلى عدة أمور :

1- فهم دور الشيطان المتربص بك: لا يخفاك أن الشيطان متربص بكل بيت مسلم، أمله في الحياة أن يتشتت البيت وأن يسود الطلاق ، هذه بغيته من كل بيت مستقر بل إنها أعظم أمانيه على الإطلاق قال صلى الله عليه وسلم: (إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا، فيقول ما صنعت شيئاً، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت) والشيطان أختنا يعمد دائما إلى تضخيم المشاكل القائمة وتصويرها أكبر من حجمها لأجل أن يزيد من التوتر الحاصل ويدفع بالبيت القائم إلى الانهيار بعدم تحمل االمشاكل أو التعامل معها بصورة طبيعية ، وعليه فلابد من فهم دور الشيطان في زرع العداوة والبغضاء بينك وبين زوجك، وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يفعله الشيطان بقوله: "إن الشيطان يفرك بين الزوج وزوجته" أي يزرع البغضاء بينهما .
2- لكل رجل إيجابيات وسلبيات، لا يوجد إنسان بلا إيجابيات ، ولكن الآفة أن المشاكل تنسي الإنسان إيجابيات الطرف الآخر ، وعليه فإذا أردنا أن نتعامل بصورة طبيعية مع المشكلة علينا أن أن نفعل ما يلي:
- كتابة إيجابيات الزوج في ورقة دون التطرق مطلقا إلي السلبيات ، ونرجو منك أن تكتي هذا الإيجابيات في أسبوع ، ذلك أن الشيطان سيعمد إلى تذكيرك بكل سوء منه وتغييب كل حسناته ، وعليه فإننا نتوقع أن تأخذي جهدا في تذكير حسناته وعليه فإنا نريدك أن تأخذي أسبوعا كاملا في كتابة هذه الميزات .
- لسنا ملائكة يا أختنا وكل منا له أخطاء ، فهل تعرفين أخطاءك في حق زوجك ؟ نريدك أختنا أن تكتبيها كاملة، لا يكفي أن تعدديها على ذاكرتك ، إنما نريد كتابتها ورقيا.
- إيجابيات الزوج مع ذكر سلبياتك سيوجد عندك نوع من أنواع الاتزان العاطفي والنفسي ، وهذا ما سيجعل المشاكل القائمة في إطارها الطبيعي وهذا أول طريق الإصلاح .
3- لا يوجد بيت بلا مشاكل ، اجعلي هذه قاعدة في حياتك أختنا ، ما من بيت إلا وفيه هانت ومشاكل حتى بين النبي صلى الله عليه وسلم وهو النبي كان فيه بعض المشاكل المسجلة في كتب السنة ، وعليه فالإيمان بوجود المشاكل وأن هذا هو الأمر الطبيعي أمر مهم كذلك لانه ساعتها سيدفعك إلى التعامل مع الواقع وتعلم فن إدارة المشاكل وهو الطريق الطبيعي في الإصلاح .
ثالثا : حين ننظر بموضوعية نجد أن الرجل أخطأ ، ونحن لا ننكر ذلك ولا ننبره له، لكنك لو قرأت أختنا عن المشاكل لعلمت أنك في نعيم رغم وجود تلك المشكلة، فالرجل والحمد لله يصلي وهذا يعني أن بذور التدين قائمة ، والرجل ليست له مشاكل عدائية ولا يحب العناد بالباطل وقد ظهر ذلك حين أقر لك بما قام به ووعد بعد التكرار، كل هذه أختنا صفات يمكن استغلالها لدفع هذا الخطر.
رابعا: من المهم حين نريد الإصلاح أن تقوي جبهتك الداخلية ، حتى تكوني أصبر وأقدر على التعامل مع المشاكل ، وحتى نصل إلى هذا نحتاج إلى ما يلي:
1- الإيمان الكامل بأن الأمور تسير بقدر الله، وأن الله كتب على ابن آدم كل شيء، وأن ما وقع معك هو ابتلاء من الله لا يخلو منه أحد ، ولا ينفك عن حكمة الله عز وجل ، وهنا نذكرك بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ).
2- لابد كذلك أن تستحضري الأجر عند الصبر والإحسان مع من أساء إليك، وأنت لا يخفاك أن كل مصاب من ورائه أجر، إما رفعة للعبد بين يدي الله، أو دفع مصاب أشد، أو تكفير للذنوب، أو يكون سترًا للعيوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ" وقد قالوا: البلاء دليل النعم؛ لأن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه؛ ولذلك نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: "قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه –الحديث وفيه-: حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة" وفي لفظ آخر قال: "الأنبياء، قال: ثم من؟ قال العلماء قال: ثم من؟ قال: الصالحون" وعن فاطمة بنت اليمان أخت حذيفة قالت: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في نساء نعوده، فإذا بسقاء يقطر عليه من شدة الحمى، فقال: "إن من أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". والبلاء مهما كان صغيرًا صاحبه مأجور على ذلك، فعن عبد الله بن عمر قال دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك لتوعك وعكًا شديدًا، قال: "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت ذلك أن لك أجرين. قال: أجل ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها".
3- يهون البلاء ويخفف حدته مع ما مضى قول سيدنا عمر رضي الله عنه: ما من مصيبة تصيبني إلا رأيت خلالها ثلاث فوائد قد أنعم الله بها علي:
1- أنها لم تكن في ديني، فربما فقد بها الإنسان دينه ودنياه.
2- أنها لم تكن أكبر من ذلك فهذا دافع.
3-أن الله يكتب لي الأجر عليها.
خامسا: إننا نريدك أختنا بعد ما مر من وضع المشكلة في إطارها الطبيعي ، ومن تقوية نفسيتك باستحضار التدين الذي يهون المصائب ، أن تقومي تبدأي بإنشاء جسر من المحبة والتفاهم والحوار بينك وبين زوجك ، دعيه أختنا يحدثك عن نفسك بعينه حتى تتعرفي معه على الأخطاء التي يراها فيك ، ومن ثم تبدأي أنت في معالجتها، اصنعي الحوار أختنا بيدك في بيتك صناعة حتى تستطيعي أن تتفهمي نفسية الرجل .
سادسا: زوجك عنده بذور التدين اجتهدي أن تنمي تلك البذور ، اجتهدي أن تقربيه من الله عز وجل عن طريق المحاضرات والمواعظ الدينية أو المقاطع التي تتحدث عن الدار الآخرة والموت والحساب والجزاء ، استخدمي في ذلك الوسائل الحديثة من الرسائل النصية أو الوسائط أو غير ذلك ، المهم أن تبحثي عن الطريق الذي يقربه من الله عز وجل.
أختنا : ندرك صعوبة الطريق ونردك أن طويل وشاق ، لكنه في نهاية الأمر سيقودك إلى الاستقرار ، واعلمي أيتها الفاضلة أن خسران الزواج خسران لك وله ولأولادك قبلكما ، والعكس بالعكس ، اجتهدي أختنا في ذلك والتمسي أجر ذلك من الله ، وتذكري أن أفضل الطرق لعلاج الإساءة هي الإحسان قال تعالى : "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " ابتعدي أختنا عن التفكير في الطلاق لأنه لن يدفعك إلى الإصلاح واعتمدي على التفكير بطريقة إيجابية ، حتى تحفظي بيتك وأولادك .

د . أحمد المحمدي أحمد متولي
دكتوراه في البحوث والاستشارات , ‏ليسانس حقوق , دبلوم الارشاد الاسري والتربوي

استبيان

هل لغة المستشار واضحة وسهلة الفهم؟

نعم لا نوعا ما

هل ترى أنك حصلت على الجواب الكافي؟

نعم لا نوعا ما

هل شعرت بالارتياح بعد حصولك على الاستشارة؟

نعم لا نوعا ما

هل احتوت أجوبة المستشار على خطوات عملية سهلة التطبيق؟

نعم لا نوعا ما