728 x 90



img

اكسب صحتك من خلال زكاتك
المال عامل أساسي في حياة الإنسان فهو زينة الحياة ، ويسعى الكل في تحصيله وجمعه، ولا حرج في ذلك ما دام أنه من طريق مشروع ، وإلى جانب فوائد المال المتعددة ، فإن زكاته صحة وعافية وتطهير للنفس وحفظ وزيادة للمال ، قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ).
ولما كان الإنسان يبذل من أجل الوقاية والعلاج من الأمراض والأسقام ماله دون حساب، بل لو استدعى الأمر أن يستدين فلا يتراجع ولا يتردد.
فإنه من خلال دفع جزء يسير من المال سواء عبر الزكاة الواجبة أو الصدقة المندوبة يقي نفسه ويعالجها من الأمراض التي تفتك بالنفس والجسد، فالزكاة سبب لدفع الأمراض والمكاره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة»، فإذا كانت الصدقة ترفع المرض بعد وقوعه، فمن باب أولى أن تدفعه قبل وقوعه، فإذا ما بذل الإنسان صدقة من طعام أو كساء أو نقود وما أشبه ذلك للمحتاجين بنية دفع البلاء أو رفعه، فيرجى له الظفر بما نوى.
وفي الصدقة نجاة ووقاية من الكروب والمكاره، قال ابن القيم: “إن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء، ولو كانت من فاجر أو من ظالم، بل من كافر، فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء، وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم، وأهل الأرض كلهم مقرون به؛ لأنهم جرَّبوه”.
وهي مع بقية العبادات وقاية من الخوف والحزن، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وهي وقاية من العقوبة الإلهية التي تصيب النفس والبدن، ففي الحديث ” وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ , إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا”.
والزكاة علاج لأمراض النفس التي قد تفتك بأصحابها أكثر من أمراض الجسد كالضيق والهم، فالمتصدق كلما تصدق بصدقة انشرح صدره وقوي فرحه وعظم سروره ووقي من الشح البغيض قال تعالى: { ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } ، وقد كان عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت وليس له دأب إلا هذه الدعوة : “رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي” فقيل له : أما تدعو بغير هذه الدعوة فقال : “إِنِّي إِذَا وُقِيتُ شُحَّ نَفْسِي وُقِيتُ السَّرِقَةَ وَالْخِيَانَةَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ “.
والزكاة وسيلة عظيمة للقرب من الله ونيل رضاه وكسب محبته سبحانه وتعالى وعلاج مرض البخل: ففي الحديث: “السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس، بعيد من النار ، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله تعالى من عابد بخيل”.
( ويظهر عيب المرء في الناس … بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه )
( تغط بأثواب السخاء فإنني … أرى كل عيب فالسخاء غطاؤه )
واتخذ الله إبراهيم خليلا لما رأى العطاء أحب إليه من الأخذ وهذه صفة من صفات الرب جل جلاله فإنه يعطي ولا يأخذ ويطعم ولا يطعم وهو أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات صفاته فإنه كريم يحب الكريم من عباده وعالم يحب العلماء وقادر يحب الشجعان وجميل يحب الجمال.
وفي الحديث: “إن الله طيب يحب الطيب نظيف يحب النظافة كريم يحب الكرم جواد يحب الجود”.
والزكاة كما أنها وقاية وعلاج في الدنيا هي كذلك وقاية من النار والعذاب في الآخرة ، وسعادة في الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” ، ” فاتقوا النار ولو بشق تمرة” ، “يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار”.
وفي الحديث” من ستر مسلما ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله تعالى عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله تعالى حسابه ومن أقال نادما أقال الله تعالى عثرته ومن أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله تعالى في ظل عرشه”.
ومن أجل صحة الإنسان وسلامته جاء الأمر صريحا بأداء الزكاة وقرنت بالصلاة: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ).
ولما كان من عادة الإنسان التسويف والتأجيل والتأخير جاء التوجيه النبوي بالمبادرة والمسارعة، ففي بعض الآثار : باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة.
وجاء الوعيد الشديد لمن يكنز المال ولا يزكيه، قال تعالى:(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35))التوبة.