728 x 90



img

كثيرا ما نسمع عبارات “فهم الذات”، “تقدير الذات”، “القدرات” وغيرها من العبارات التي يستعملها مدربو التنمية البشرية، والبعض منا يرددها في بعض أحاديثه مع الآخرين. وفي الحقيقة فإنه بالبحث العميق عن هذه العبارات وتفسيراتها، وجدنا أنها ذات أهمية كبيرة في حياة الفرد إذا ما وعاها وفهمها، لأنه بالفعل إذا ما فهم المرء ذاته واستطاع تقييمها، فإنه مع الرغبة في التغيير سيتغير للأفضل وسيكون ناجحا وسعيدا في حياته إذا ما أراد ذلك.
وسوف نتحدث هنا عن المقصود بكل من مفهوم الذات وتقدير الذات والفرق بينهما، مع بيان أهمية حاجة الفرد إلى التعرف على ذاته، ودور ذلك في نجاحه في الحياة.
ما هو مفهوم الذات؟
هو الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه، وهو أيضا مجموعة الصفات التي يطلقها الفرد على نفسه، من حيث:
الصفات الجسمية، كالطول والقصر، والسمنة أو النحافة، ومدى تمتعه بالصحة أو إصابته بأي من الأمراض الوراثية أو المزمنة كالسكر والضغط وغيرها.
كذلك يفهم الفرد ذاته من حيث الصفات التي ترتبط بالقيم الاجتماعية وعلاقته بالآخرين، فمثلا هل هو اجتماعي أم انطوائي، متسامح أم لا ينسى الإساءة، متعاون أم أناني، كريم أم بخيل .. إلخ.
وأيضا يفهم الفرد ذاته من حيث قدراته العقلية من حيث قدرته على التركيز والانتباه، وهل هو يملك موهبة ما، أو هل هو يتمتع بذكاء كبير أم ذكاء متوسط وهكذا.
كما يفهم الفرد ذاته من حيث انفعالاته، هل هو سريع الغضب أم هو هادئ الطبع، هل هو خجول أم منفتح على الآخرين.
ومن حيث النواحي الأكاديمية إذا كان طالبا بالمدرسة فإنه يمكن أن يفهم ذاته من حيث مستوى الأداء في المدرسة، ومدى قدرته على التعلم، ودرجة مستواه الدراسي في المواد التعليمية التي يدرسها مثل الرياضيات والعلوم، ودرجة انضباطه داخل الصف، وطبيعية علاقته بالمعلمين والمشرفين والإدرايين، وطبيعة علاقته بزملائه داخل المدرسة.
ماذا يقصد بتقدير الذات؟
هو تقييم الشخص لنفسه ككل، من حيث مظهره وخلفيته وأصوله وقدراته وتجاهاته وشعوره، وهذا التقييم يكون من حيث استحسان الفرد لصفة ما من صفاته أو رفضه لها، فمثلا أن الفرد يعرف جيدا مدى أنه متميز في القدرة على الاستدلال والتفكير المنطقي، وآخر يرى أنه يمتلك مهارة حركية متميزة تمكنه من ممارسة رياضة الكونغفو أو الكاراتيه مثلا.
والسؤال الذي يقفز إلى الذهن هنا، هو ما الفرق بين مفهوم الذات وتقدير الذات؟
الفرق بين مفهوم الذات وتقدير الذات؟
مفهوم الذات: عبارة عن معلومات عن صفات الذات وتتضمن فهم معرفي، أي أنها حقائق ثابتة تعرفها عن نفسك. فمثلا أنت تعرف أنك طويل القامة، تمتلك مهارة يدوية معينة، هادئ الطباع.
تقدير الذات: هو تقييم لهذه الصفات وتتضمن فهم انفعالي، والمقصود بالفهم الانفعالي هنا هو مدى شعورك بالرضا أو عدم الرضا عن هذه الصفات، فمثلا: تجد في نفسك أنك كثير الكلام، هنا هل أنت راض عن هذه الصفة؟ أم أنها تسبب لك الإنزعاج؟
إذن فإن تقدير الذات هو مرحلة لا تأتي إلا بعد أن يفهم المرء ذاته جيدا، فبدون معرفة الذات لا يستطيع الشخص أن يصدر حكم عليها ويقيمها، وبالتالي فنحن في حاجة ملحة وماسة لأن نعرف من نحن. ولذلك ينبغي على الشخص منا أن يجلس مع نفسه جلسة مصارحة وفي يده ورقة وقلم ويكتب الأسئلة التي من خلالها يستطيع أن يفهم ذاته، ويجيب عليها بنفسه، وأذكر منها الأسئلة التالية:
– ما الجوانب الإيجابية في شخصيتي؟
– ما المهارات والمواهب التي تميزني؟
– ما النجاحات التي حققتها في حياتي؟
– ما الذي أحب أن أكون عليه في المستقبل؟
– ما التحديات التي واجهتها في حياتي وتغلبت عليها؟
– ما الصفات الإيجابية التي أراها مشتركة بيني وبين الآخرين؟
– لو أراد شخص ما أن يتشبه بي، ما الصفات التي سيأخذها عني؟
– لو طلبت من شخص أن يذكر لي أهم صفاتي، فماذا سيقول عني؟
– ما نقاط الضعف في شخصيتي؟ وكيف أعالجها؟
– ما نقاط القوة في شخصيتي؟ وكيف أستثمرها للنجاح في حياتي؟
وهذه الأسئلة هامة جدا، حيث إنها بمثابة عوامل حفازة تحفز الإنسان وتخلق عنده نوع من الحماس والتحدي مما تولد لديه الثقة بالنفس التي تمكنه من النجاح والتميز في الحياة.
أيضا نأتي هنا إلى مفهوم هام جدا، وهذا المفهوم يأتي متسلسلا بعد فهم الذات وتقديرها، وهو إدارة الذات، فبعد أن تعرفت على القدرات والمهارات التي تمتلكها وأجريت لها نوع من التقييم ، كما تعرفت على جوانب القوة والضعف لديك، فإنك الآن في حاجة إلى إدارة هذه القدرات والمهارات من خلال ما يسمى بإدارة الذات.
ماذا يقصد بإدارة الذات؟
هي قدرة الشخص على توجيه مشاعره وأفكاره وإمكانياته نحو الأهداف التي يريد تحقيقها. فلكي تنجح في الحياة وتحقق ما تريد من أهداف عليك أن تتعلم كيف تتحكم في ذاتك وتحسن إدارتها.
لماذا نحن في حاجة إلى فهم الذات وتقديرها؟
1- للتعرف على نقاط القوة وبالتالي استثمارها في تحقيق الأهداف والنجاح في الحياة، ونقاط الضعف ومعالجتها وذلك من أجل تجنب الإخفاقات.
2- تمكن الفرد بأن يكون واقعي ومنطقي وألا يبالغ في تقدير قدراته ومهاراته وألا يقلل منها.
3- تمكن الفرد من التحديد الدقيق للتخصص الدراسي الذي يناسب قدراته وإمكانياته.
4- تساعد الفرد على معرفة وتحديد طموحاته وأهدافه المستقبلية.
5- تقدير الذات يجعل المرء أكثر ثقة في نفسه وفي إمكانياته ومن ثم توظيفها التوظيف الأمثل بما يحقق له النجاح والتميز.
وأخيرا أقول، إننا بحاجة إلى ندرب أنفسنا وندرب أبناءنا على كيفية التعرف على ذواتنا وفهمها فهما واقعيا بعيدا عن المبالغة في وصفها أو التقليل من شأنها، وكيف نستثمر ذلك في تحقيق الإنجازات والتميز في حياتنا وبالتالي نحقق الرفاهية لمجتمعاتنا.