د. عبد الحميد عفانة :أحلام ورا أحلام

جلست و الإهتمام بعينيها تتأمل مجموعة المنشدين العرب يرددون و بكل دقة و مهارة نشيد الحلم العربي الذي مضي عليه سنوات و سنوات ” أجيال وراء أجيال عيشيين على حلمنا….” و هي تتأمل الأجيال التي كانت شابه في ذلك الزمان من المغنين العرب فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و كل يتقن دوره بمهاره.

و أطلقت لتفكيرها العنان ممتطية بساط الريح كما تغنى به الراحل فريد الأطرش يجوب بلاد الوطن العربي بدون نقاط تفتيش و بدون حواجز ولا فيزا ًلكي يدخل أي من هذه البلاد فهي بمثابة بلد واحد مترامي الأطراف لا يشعر الفرد بالغربة في أي من هذه البلاد. فاللغة مشتركه و ثقافتنا واحده و كلنا نصلي لهدف واحد و اختلافنا هو من أجل المصلحة العامة لكي نعيش في رغد من الحياه. متخيلةً أيضاً كيف ستكون هذه البلدان لو أنها أصبحت متحررة من بعض العادات و التقاليد السيئة مستغلة مواردها الاقتصادية و البشرية لنشر الديمقراطية و حرية الرأي و التعبير لحل مشاكلها بالطرق السلمية و الحوار و احترام الرأي الآخر

ثم تطير بالبساط إلى بلاد الشام وفلسطين لتجد دولة فلسطينين مبنية على سيادة القانون والديمقراطية لا يوجد فيها مكان لانتهاكات حقوق الإنسان، و لا يوجد إقصاء للأخر بحجج وأهديه لا تنطلي علي أحد، و لا يوجد من يُتهم الاخر بدون دليل ملموس يقدم للعامة كي تعرف الحقيقية، و نسبة النفاق السياسي و الاجتماعي التي كادت ان تضيع العباد و البلاد قد إضمحلت و القائمين علي تواصل مع الناس بشفافية و إحترام والناس ينعمون بالرخاء.. استيقظت من حلمها على صوت زوجها يسألها عما تفكر به فأجابت: بالحلم العربي الذي طال انتظاره. و من ثم سألته: ما هو برأيك الحلم العربي؟ وهل سيتحقق هذا الحلم و متى ؟ أجاب: يا عزيزتي الأحلام كالشعر، فكلٌ يعبر عما يدور في داخله بطرق جدا متشابهة. يستحضر الصور و يدمج العناصر التي قد تكون متناقضة حتي يعبر عن مشاعره بطريقة جميله. و كلاهما يستخدم بعض ما هو في اللاشعور و ينسجهم معا بطريقة منطقية لسرد القصة قد تكون غير واقعية. فالحلم هو الحياة النفسية للفرد أثناء النوم وهي حياة تشبه حياة اليقظة فالنوم حالة لا يريد النائم فيها أن يكون له صلة بالعالم الخارجي أو الواقع الأليم المليء بالخوف الذي يعيشه هذا الفرد. و نحن نيام تتاح لنا الفرصة الذهبية التي نعبر بها عما يدور بأنفسنا و تسمح لنا ان نمارس ما لا نستطيع ممارسته في الواقع و نقول ما لا نستطيع قوله في الواقع بدون مجهود أو خوف من الاتهام أو السجن أو الملاحقة. فربنا تجدي نفسك تعملي في المجال الذي ترغبي فيه أو حصلت علي أعلي الدرجات بدون بذل المجهود المطلوب لذلك.

في الواقع هناك عده نظريات حاولت و لا تزال تحاول أن تجيب علي سؤال بسيط جدا، لماذا نحلم؟ فمنهم من قال أنها صوره لاشعورية لتحقيق أو إشباع رغبه معينه لا تستطيع تحقيقها أو إشباعها في الواقع..
كما يفسره عالم النفس الشهير فرويد حيث يرى أن الأحلام عبارة عن إشباع رغبة الإنسان غير قادر على إشباعها في الواقع أو فض رهبة خوف يعيشها الإنسان .

و بعضهم يقول بأن الأحلام عبارة عن ردود أفعال أو ممارسات لمواقف مخيفة او يشعر فيها الانسان بالتهديد حيث أن الخوف صفة عامة عند جميع أفراد الجنس البشري فيمكننا أن نفترض أن عددا كبيرا من الأحلام يكون أحلام خوف أو قلق أو حيرة. و منهم من قال بان الأحلام تَخَلَّق الحكمة لدي الانسان و حسب هؤلاء فَلَو إننا تذكرنا كي شي نراه او نسمعه فإن هذا يؤدي الي تسديد او تجمد أدمغتنا من كثره ما نمر به و الأحلام هنا هي عمليه غسيل و تنظيف لما تخزن من خبرات او مشاهد مررنا بها في الواقع، فالجميل يبقي و القبيح يذهب. و منهم من قال بأن الأحلام هي عبارة عن فلترة لما هو قديم و و التخلص منه و إبقاء الأشياء المهمة التي تساعدنا علي الاستمرار ربط الأحداث التي نمر بها لكي تساعدنا علي إتخاذ القرارات المناسبة. ويلعب الحلم دورا كبيرا في عملية الشفاء التلقائي من التوترات اليومية والضغوطات الحياتية، وإذا كنا في كثير من الأحيان نروي أحلامنا فالحقيقة المثبتة أننا في اغلب الأحيان ننسى أحلامنا وهكذا يتم خفض التوترات بطريقة تلقائية

ولكي يتحقق الحلم العربي و يتسنى لنا مواكبة الحضارة المتقدمة وعصر التكنولوجيا و المعلومات ونجهز الأجيال القادمة للتطور القادم ونثير همم الناس وندفعهم للعمل لتحقيق ما يفكروا به في الخيال وتكون وسيلة لتوجيه الناحية الابتكاريه وتنميتها فإننا بحاجة إلى مجهود و عمل. فلا يمكن أن يتحقق هذا الحلم العربي بالغناء و الطرب و لا يمكن لهذا الحلم ان يتحقق بالكلام عنه و جماله و لا يمكن له أن يتحقق بالتمني او الرغبة أو النية. ولا يمكن لهذا الحلم ان يحقق بالقصص و تمجيد الماضي و هذا مهم و لكن الأهم من ذلك هو كيف نستفيد من الماضي كيف نرسم المستقبل و نعيش الواقع. فالرغبة بحاجة الي عمل و النيه بحاجة الي نشاط يترجمها الي حقيقة. و بدون ذلك فإننا سوف نبقى متأرجحين بين أحلام النوم التي تخفض توتراتنا و تشبع رغباتنا و تنقص مخاوفنا و بين أحلام اليقظة التي نوهم أنفسنا بأننا قد حققنا من خلالها خلالها أهدافنا في الحياة. و رجاء لا تسألي كيف لانه من الأشياء التي يطول شرحها الان.

فنظرت الي ثم قالت علي ما يبدوا أن حلمنا سوف يطول وما دمنا لا نستطيع أن نعيش الحلم في واقع الحياة فالأفضل أن نعيشه على الأقل و نحن نيام.