728 x 90



img

في ظل الجهود الدولية للتوعية العالمية بأهمية الصحة النفسية خلال شهر مايو من كل عام، ودعم الجهود الوطنية التي تقدمها دولة قطرفي إطارتحقيق الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية، نرى المواقف الإنسانية المشرفة التي شهدناها لسمو الأميرالشيخ تميم ودعمه للمساعدات الدولية والشحنات الطبية للدول الصديقة والنابعة من قيمنا ومبادئنا الأخلاقية والإسلامية. ومن جهة آخرى نحرص كأخصائيين اجتماعيين على تأدية مسؤوليتنا الإجتماعية بضرورة التوعية بالصحة النفسية لكافة شرائح المجتمع خاصة في ظل الظروف التي يشهدها العالم والتصدي لمكافحة أزمة كورونا.
أكد ماثيو وآخرون بأن للممارسات الدينية دور يسهم في تعزيز صحة الأفراد الجسدية والنفسية وتساعد في تعافيهم، وتتمثل في إيمانهم بالله والسلوكيات الأخلاقية المبنية على القيم والمعتقدات الدينية.(Matthew et al., 1995, 1996) وتعرف الممارسات الدينية على أنها الأنشطة والعبادات التي يقوم بها الفرد وتسهم في تشكيل شخصيته وقيمه المتمثلة في معتقداته التي تظهر على هيئة تعاملاته وسلوكه. صحة الفرد الروحية ترتبط بصحته النفسية، وتسهم العبادات في تغذية الروح كما يسهم الطعام في تغذية الجسد، ويصل الفرد بالتالي الرفاه الإنساني والذي يتحقق في الجوانب الاجتماعية والعاطفية والجسدية وكذلك الروحية. وفضل العبادات في شهر رمضان يتمثل في تربية النفس واكتساب القيم وتطبيقها ، وقدرتنا على إحداث التغيير في السلوك. ومن أبرز الأفعال التي يمارسها المسلمون ويسعون لتأديتها في رمضان (قراءة القرآن-التسامح-الصبر- حفظ اللسان- العطف -الرحمة - الصدقة) .
الممارسات الدينية في شهر رمضان تجدد الحاجات الفطرية والروحية للأفراد، فهي فرصة للإنفراد بالذات وتوطيد العلاقة برب العباد، حيث أكد فرانكل (1978) على وجود حاجة فطرية بشرية تضيف للإنسان معنى للحياة من أجل عيش حياة صحية سعيدة (Frankl.1978). واثبت إريكسون (1969) بأن التطور الروحاني للأنسان هو عملية طبيعية تنمو مع نمو النفس البشرية (Erikson.1969). فيما أكدت العديد من الدراسات البحثية أهمية الممارسات الدينية وتأثيرها في خفض الشعور بالإكتئاب ، والعلاقة القائمة بين القيم الدينية والاكتئاب ومدى الرضا عن الحياة. حيث كشف كلاً من براون ولوي (1951) بأن الأفراد الذين يمارسون عبادات ومتدينين تكون مستويات الاكتئاب لديهم منخفضة ومستوى الرضا عن الحياة لديهم أعلى، مقارنهً بغيرهم الغيرمتدينين الذين تكون مستويات الاكتئاب لديهم أعلى وينخفض لديهم مستوى الرضا عن الحياة.
ومن جهة آخرى ربط ساندرز (1999) دور المساجد في تعزيز الصحة النفسية ، حيث لاحظ بأن الذهاب للمساجد ودور العبادة بشكل متكرر ومستمر بمعدل مرة واحدة أوأكثر خلال الأسبوع فإن ذلك له انعكاسات على حياة الأفراد من جوانب شخصية واجتماعية. ولكن تجبربنا الظروف الحالية للتباعد الاجتماعي على استثمار أوقات الحجرالمنزلي بتأدية العبادات والصلوات في المنزل مع الآباء والأمهات ، وهذا يسهم في تعزيز التلاحم الأسري بين أفراد الأسرة بعضهم البعض . ونستنتج من ذلك بأن الخلفية الدينية للفرد ومعتقداته وممارساته للعبادات تلعب دوراً مهماً وتسهم وبشكل فعال في مرحلة التعايش مع المرض وتقبله بعد مرحلة تشخيص وتقييم الحالة، واعتماده كأسلوب علاجي لمعالجة أنواع الاضطرابات النفسية .

أ. نورة المري / اخصائية اجتماعية
ماجيستير عمل اجتماعي