728 x 90



img

"الشرق" تذكي الوعي بالاضطرابات النفسية

مشكلة أسرية تعصف بسيدة وتصيبها باضطراب ثنائي القطب

الاستشاري النفسي: يجب طرد الخوف واستبدال التفكير السلبي بالإيجابي

اضطراب ثنائي القطب يحتاج إلى استشارة طبية عاجلة وجلسات تأهيلية

تخصص "الشرق" هذه المساحة لتكون لسان حال العديد من الأشخاص الذين يعانون بصمت، لتروي معاناتهم مع الاعتلال النفسي الذي آثروا مواراته خشية نظرة المجتمع القاصرة، التي تضع المريض النفسي في صندوق زجاجي سعياً منها لإقصائه عن محيطه الخارجي، لذا تفرد "الشرق" هذه المساحة بالتنسيق مع جمعية أصدقاء الصحة النفسية "وياك" لاستعراض بعض القضايا النفسية، السلوكية والأسرية من أفواه أصحابها، لإذكاء وعي المجتمع بالمرض النفسي، وبأنه مرض كالمرض البدني له أسبابه وسبل علاجه من خلال المختصين إما بالإرشاد النفسي أو الأطباء النفسيين.

* الرهاب الاجتماعي

تحط محطتنا الأولى في رحاب شاب بربيع العمر، حيث يبلغ 19 عاماً، ويعاني من الرهاب الاجتماعي، منذ أكثر من 5 سنوات، إذ تتجلى معاناته في عدم قدرته على مواجهة الناس، ولا يقف الأمر هنا، بل يتعداه للمشاعر المختلطة التي تصيبه عند رؤية أي من غير أفراد أسرته، إذ يصاحبه عدم القدرة على الكلام، والتلعثم، لعدم قدرته على مواجهة الأمر بمفرده، وعدم قدرته على إطلاع أسرته على ما يشعر به من مشاعر سلبية، والسبب هو أنه شاب، فكيف لشاب أن يعاني مثل هذه المعاناة، في مجتمع يرفض الاضطراب النفسي بالمطلق وكيف لو أصيب به الرجل؟.

وأتى رأي الاستشاري النفسي موضحاً بقوله: "إنَّ الرهاب الاجتماعي، مشكلة يرجع سببها إلى التكوين الشخصي لصاحب المشكلة، فهناك بعض الشخصيات المنطوية التي تُحب العزلة، وعدم الاختلاط بالآخرين والاندماج في المجتمع.

والرهاب الاجتماعي لا يظهرُ في حالة واحدة، بل قد يظهرُ في حالات كثيرة، كالتردد في الكلام أمام الآخرين، أو الكتابة، أو الأكل، أو المشي؛ فكل هذه الحالات تدخلُ تحت إطار الرهاب الاجتماعي، وهذه الحالة قد تصيب الشخص منذ الصغر، ولكن لم تُعالج في حينها، إلى أن تطورت مع صاحب المشكلة ولم يتم علاجها؛ ولهذا فالعلاج يبدأ من الشخص نفسه، ومثل هذه الحالات تحتاجُ إلى قوة الشخصية، بالإضافة إلى التدريب العملي، وقد لا يحتاج الأمر إلى معالج نفسي؛ فالشخصية الخجولة علاجها سلوكي أكثر منه نفسياً، وهذا يحتاجُ من الشخص إلى تعزيز قوة العزيمة والإرادة، فالبعض من الناس يُصيبهم الاكتئاب والحزن؛ لأنهم يفكرون بطريقة خطأ، وبالطبع فإن المكتئب يفكر خطأ؛ حيث إن له نظرة خيالية، فيقول: أنا لا يمكن أن أكون سعيداً إلا والناس الذين من حولي راضون عني، أو يحبونني، وهذا أمرٌ غير واقعي، لأن إرضاء الناس غايةٌ لا تدرك، بل بالدرجة الأولى لابد أن يكون إرضاء رب الناس سبحانه وتعالى هو المبتغى، ومن ثم إرضاء الشخص نفسه، فالحل ليس بالابتعاد عن مخالطة الناس، بل من المهم مخالطة الناس".

ودعا الاستشاري النفسي من يعانون من الرهاب الاجتماعي إلى برمجة ذواتهم لإزالة الخوف، وعدم ترك السلوك يهيمن عليهم، ومطلوب منك الخطوات التالية، طرد الخوف والخجل؛ بحيث يتم استبدال التفكير السلبي بالتفكير الإيجابي، لا تحاول أن تصغر وتحقر من نفسك أمام الآخرين، ممارسة تمارين الاسترخاء.

* اضطراب ثنائي القُطب

أما المعاناة الأخرى فهي تتجلى في معاناة إحداهن من اضطراب يسمى ثنائي القطب، منذ 3 سنوات، بعد مشكلة أسرية عصفت بها، فبدأ الاضطراب بالإصابة بالهوس والاكتئاب، فلم تعد قادرة على السيطرة على مشاعرها، من عدم الاستئثار وتقلب في المزاج والعزلة إلى جانب نوبات الغضب والاكتئاب والرغبة في البكاء المستمر، وازداد الأمر سوءا فلم تعد لديها الرغبة في الحياة؛ إلى جانب العزلة، كما أنها فقدت الكثير من وزنها خلال أشهر بسيطة، تدهورت حالتها الصحية كثيراً، وأصبح سلوكها متهوراً، وبدأ شيء ما بداخلها يوسوس لها بأفكار واعتقادات مضطربة جداً، وقد حاولت مراراً إيذاء نفسها.

وأكدَّ المستشار النفسي أنَّ هذا النوع من الاضطرابات النفسية يحتاج لزيارة الطبيب النفسي لتقييم حالة الشخص، وتحديد ما يتعيَّن القيام به، حيث يعد الاضطراب ثنائي القطب من الاضطرابات التي ما يزال يكتنفها العديد من أوجه الغموض، على الرغم من توافر العديد من المعلومات عن أعراضه وعلاجه والعديد من العوامل النفسية والاجتماعية والوراثية التي تتسبب في نشوئه إلا أنه على الرغم من ذلك فإن المريض باضطراب ثنائي القطب يحسن به أن يكون ملتزماً بالمتابعة الدورية مع الطبيب والمعالج النفسي وألا تقتصر العلاقة على المرحلة الأولى من العلاج فقط؛ وذلك تحسباً للانتكاسة التي قد تطرأ لاحقاً.

وليتسنى المحافظة على التعافي، نصح المستشار بـالالتزام بتعليمات الطبيب النفسي والجرعات الدوائية التي يحددها إذا تطلب الأمر ذلك، ولا حاجة هنا للخوف من الأدوية ما دامت تحت الإشراف الطبي، من المهم جداً أن يكون هناك علاج نفسي مصاحب للعلاج الدوائي، حيث إن العلاج النفسي سوف يساعد على تحديد العوامل النفسية والاجتماعية المثيرة للاضطراب وكيفية التعامل معها والوقاية منها، اكتساب المهارات النفسية التي تساعد على التغلب على القلق والتوتر، تقبل الذات والتعايش مع الاضطراب بالطريقة التي تساعد على التعافي ومنع الانتكاسة، ومن المهم أن يرافق العلاج الدوائي العلاج النفسي الجماعي.