728 x 90



img

أكدت جمعية أصدقاء الصحة النفسية على أهمية تجنّب الأمهات التوتر العصبي الذي ينتج عن التفكير في الحياة الأسرية ومشاكلها؛ فكل مشكلة تصادف الأم سوف تجد لها الحل المناسب، وهذا سيُشعرها بالاستقرار النفسي.
وفي استشارة تلقتها جمعية أصدقاء الصحة النفسية «وياك» عبر موقعها الإلكتروني، تسأل إحدى الأمهات حول تعاملها بانفعال شديد مع أبنائها، حيث تقول: «لديّ طفلتان، الأولى في عمر السنتين، والثانية في عمر 6 أشهر. لاحظت أنني منذ ولادة طفلتي الأولى وأنا متقلبة المزاج بشدة وشديدة العصبية، لدرجة أني أحياناً أضربها وأصرخ عليها، وأغلب الأوقات أفكر في أنني خسرت أشياء كثيرة كنت أطمح إليها بسببهما، وهذا أكثر شيء يسبب لي حالة فقدان القدرة على التحكم في أعصابي، ويدفعني إلى البكاء أغلب الأيام، ويجعلني أحس بتأنيب الضمير لأنني أفكر بهذه الطريقة، مع أنني عندما قررت الزواج كان بكامل إرادتي ومن شخص أحبه جداً. لكن بعد ولادتي للطفلة الثانية، زادت عصبيتي أكثر من المرة الأولى، خصوصاً أنني كنت بعيدة عن أهلي، وكنت أحس أنه لا أحد يهتم بأمري أو يساعدني، حتى زوجي أحياناً أحس أنه يعتبر أن كل ما أقوم به تجاهه وتجاه الأطفال والاعتناء بأمور المنزل شيء بدهي ولا يتطلب مجهوداً، وأنني أزيد من حساسيتي تجاه الأمور. أرجو أن أجد حلاً لحالتي هذه؛ لأنني تعبت من تقلّب مزاجي الحاد». وفي جواب الدكتور العربي عطا الله قويدري -استشاري في الإرشاد النفسي والأسري- قال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أختي السائلة حفظك الله ورعاك، أشكرك على تواصلك مع موقع «وياك» للاستشارات النفسية، وإن شاء الله تعالى سنعينك للخروج من أزمتك.
أولاً عليك بالابتسامة؛ فإن الابتسامة الصادقة هي البوح بالصفاء الداخلي للنفس الهادئة الراضية، وهي السعادة الداخلية للقلب، والطمأنينة للجهاز العصبي. ابتسمي أختي؛ حتى تبتسم لك الحياة.
تجنّبي التوتر العصبي الذي ينتج عن تفكيرك في حياتك الأسرية ومشاكلها، وتأكدي أن أي مشكلة تصادفك سوف تجدين لها الحل المناسب بإذن الله وعونه، وسوف تشعرين بالاستقرار النفسي.
تذكري أختي الفاضلة صفات خير البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كانت البسمة إحدى صفاته، وأصبحت الابتسامة لا تفارق محيّاه، وعنواناً له. وهذا زيد بن أرقم -رضي الله عنه- يقول: «وقع عليّ من الهم ما لم يقع على أحد. فبينما أنا أسير مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر قد خفقت برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعرك أذني وضحك في وجهي، فما كان يسرّني أن لي بها الخلد في الدنيا» [رواه الترمذي].
أريدك أن تكوني متفائلة؛ حتى تسمو روحك، ويطمئن قلبك، وتعيشي في سعادة، وحاولي أن تُبعدي عنك الأفكار السلبية التشاؤمية، وتفاءلي بالخير تجديه إن شاء الله تعالى.
اعلمي أن الهدوء والاتزان هما أهم طريقة لتفادي العصبية والنرفزة، والشخص العصبي يحاول دائماً أن يسعى للسيطرة على الآخرين، وتوجيه سلوكه نحو خدمته وتحقيق أهدافه، ويعمل جاهداً أيضاً لكي يكون هو المسيطر على الآخرين، ولا يقبل أن يسيطر عليه أحد، كما لا يقبل أن يتساوى معه أحد. ولهذا، نجد الآخرين يتفادونه؛ مخافة كلامه ومعاملته لهم، ولا يستطيع أن يكبح انفعالاته ولا أن يسيطر عليها، ولا يستطيع أن يضبط نفسه، وكل هذا تسببه العصبية الشديدة، ويجب أن تعلمي أختي أن هذه عصبية منشؤها الغضب، والغضب من النار والشيطان كما ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من المستبعد أن يدفعك غضبك وعصبيتك الشديدة إلى كسر جسر الثقة والمحبة بينك وبين الآخرين، وقد تلقي بالغشاوة على الأعين والقلوب، فتحول بينك وبين الحقيقة، وتجرفك معها نحو أمور لا تُحمد عقباها.
إن عصبيتك هذه قد تولّد الانفجار، وتُفقدك الحكمة في معالجة الأمور، وأحياناً تُضعف شخصيتك أمام الآخرين.
وأنا أقولها لك مرة أخرى، اهدئي ثم اهدئي، وتعلّمي دائماً معالجة الأمور بالحكمة والهدوء والروية، دون اللجوء إلى التسرع والعصبية، واحملي دائماً راية الرفق والحنان مع الآخرين.
واستمعي لوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عندما أخذ بيد معاذ بن جبل -رضي الله عنهما-وقال له: «يا معاذ! أوصيك بتقوى الله، وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، ورحم اليتيم، وحفظ الجوار، وكظم الغيظ، ولين الكلام».
حاولي أن تجنّبي نفسك العصبية والنرفزة والشكوك، وعيشي بنفس هادئة مطمئنة، وروّضي شخصيتك على حب الخير للجميع؛ تعيشي حياة ملؤها السعادة والهناء بإذن الله تعالى، ولا تلجئي إلى عقاب أولادك بالصرخ والعصبية، حاولي أن تتقربي منهم أكثر وتتعايشي معهم مهما كانت تصرفاتهم؛ فأنت أم.
وأنا أفضّل أن تعملي لزيارة لأحد المختصين في الإرشاد النفسي، وذلك من أجل عمل جلسات إرشادية؛ ليخفف عنك وطأة العصبية والنرفزة، وإعطائك مهارات في كيفية التعامل مع أبنائك بدون عصبية أو نرفزة أو غضب.;