728 x 90



img

مع شيوع استخدام أكثر من مصطلح للتعبير عن شيئا واحدا، يضيع المرادف الحقيقي لكل مصطلح ويغيب الفرق الواضح بينهم فقد يكون أحدهما إيجابيا والآخر سلبيا، وهذا ما تقع فيه بعض الأمهات من خطأ بحديثها عن سلوكيات أبنائها في المدرسة فيتنوع استخدامهم للكلمات (ابنتي تخجل أن تسأل معلمتها عن معلومة لم تفهمها أثناء الحصة، ابنتي تخجل أن تتفاعل بالحصة خشية سخرية زميلاتها منها، ابنتي تحرج أن تصحح لمعلمتها معلومة أخطأت فيها، ابنتي تستحي أن تبدي رأيها أمام الطالبات، ابني يرفض المشاركة بالإذاعة المدرسية لأنه يستحي أن يقف أمام الطلاب والمعلمين)...الخ.

صحيح أن الأم قد تتضايق من انطوائية أبنائها لكنها لا تعتبرها مشكلة تستلزم الحل خصوصا إن كان الأمر يتعلق بالبنت فإن الأم قد تنظر للأمر كدليل على حياء البنت، فالفرق بين الخجل والحرج والحياء، أن الحياء هو خلق إيجابي يدفع لترك القبيح والمنكر وهو المأمور به شرعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) فهذا الحياء من الله يحجب الشخص عن المعصية حتى في غياب كل البشر فهو يؤمن بأن الله يعلم سره وعلنه، أما الخجل فهو شعور سلبي بالنقص أي ضعف الثقة بالنفس وعدم التعبير عن الرأي أمام الناس مهما سمحت له الفرصة، لأنه دوما متخوف من ردود الأفعال واضعا نظرة الناس له في المقام الأول، وأهم الأعراض المصاحبة للخجل هو الحرج فهو من أنواع الخوف ويتميز بمهابة الإقدام على الأمر.

الطفل الخجول لا إراديا يكون الأكثر انطوائية وانعزالا عن مجتمعه، قليل العلاقات الاجتماعية، مهتما بمراقبة انطباعات الآخرين عنه، متخوفا من إبداء رأيه، ضعيفا في مواجهة مشاكله، مترددا في اتخاذ قراراته، معتمدا دوما على والديه باعتبارهما مصدر الأمان لديه، المضمون صواب رأيهما واختياراتهما عنه.
ومع اعتقاد الوالدين أنها مشكلة طبيعية ملائمة لعمر الطفل في مراحله الدراسية تكبر تلك السلوكيات مع الطفل فتجده صامتا في الجلسات العائلية المتسعة وكذلك مع أصدقاء الأسرة وهذا لا يتعارض مع كونه متحدثا جيدا مع والديه فقط، فهي المنطقة التي يدرك أنه لن يتعرض فيها للنقض أو التوبيخ.

لا يجب التغافل عن تصحيح المسار التربوي والعلاج السلوكي للمشكلة قبل أن يصل الطفل لمرحلتي المراهقة والشباب فيصبح مجرد منفذ لأوامر وتوجيهات الآخرين دون تفكيرا منه وموازنة للأمور، ولذا فلابد من تشجيع الطفل على طرح أفكاره أمام الكبار، الاستماع لرأيه في القرارات الأسرية، تركه يختار مقتنياته من ملابسه وأحذيته بنفسه مع إعطائه نصائح عامة للأنسب لعمره، تعويد الطفل على الابتسامة أمام الآخرين، عدم مقارنته بأقرانه مما يعزز عدم ثقته بنفسه، الإطراء على مواقفه الإيجابية، توجيهه لاستيضاح أي معلومة لم يفهمها من معلميه والتأكيد له أنه ليس الوحيد فمن بين زملائه من هو مثله، إبراز نقاط قوته وتنمية مهاراته وحثه على عرضها أمام الآخرين، مع توطين مفهوم تقبل آراء الآخرين المشجعة الناقدة له بصدر رحب وعدم البكاء منها، علاج أي فوبيا يعانى منها الطفل.
وليس ببعيد عنا موقف الصبي الذي تكلم بين يدي الخليفة المأمون فأحسن الجواب فقال له المأمون: ابن من أنت؟ فقال الصبي: ابن الأدب يا أمير المؤمنين، فقال المأمون: نعمَ النسب وأنشد يقول:
كن ابن من شئت واكتسب أدبـًا *** يغنيك محمـــوده عن النسـب
إن الفتى من يقـول هـا أنــــا ذا *** ليس الفتى من يقول كان أبي

بقلم : دانا ربيع التابعي