728 x 90



img

تعودنا على مر الأزمنة أن تظهر عادات وتختفي أخرى ومع تطور التكنولوجيا انقسم الناس بين من استخدمها بالشكل الصحيح وبين من أفرط في التعامل معها لدرجة قطعته عن محيطه الخاص فأصبح الابن يتجاور مع الأب على نفس الأريكا ولكن لكل منهما عالمه المنفصل في هاتفه الخاص وكذلك الأم مع بناتها كل منفصل باهتماماته خارج النطاق الأسري وهذا أدى إلى تفكك الترابط الاجتماعي ، فقد تظهر نتيجة الثانوية العامة للابن فتعرفها الأسرة من الموقع وتهنئ الناجح على الواتساب وتكون الاحتفالية على الفيس وليس ببعيد صور للهدايا علي الانستجرام .
وهناك البعض من الشباب تجلس معه فتجده آذانا صاغية لك ولكنه لا يجيد إدراة الحوار وفتح أفق للنقاش وقد تجلس في انتظار المشفى فتلقي السلام على المتواجدين فلا تجد ردا منهم فكلِ منهم قد طأطأ رأسه في هاتفه.
وهنا يطرح السؤال نفسه , هل نشعر بذاتنا في محطينا الافتراضي أكثر من محيطنا الواقعي أم أننا من صنعنا هذه الهاله الكبيرة حولنا ؟؟ والإجابة هنا أننا لو نظرنا للغرب صاحب هذه الاختراعات القيمة سنجد أن استخدامهم لها لا يكون إلا فيما ينفعهم فمثلا ستجده يفتح جهازه المحمول ليقرأ كتابا أو يحضر مادة علمية أو يطالع ما يزيد من حصيلته الفكرية والثقافية وتواصلهم عبر المواقع الاجتماعية ليس بهذا الإفراط المبالغ فيه بمجتمعنا إذا فالعيب ليس في المواقع ولكن في طريقة استخدامنا لها فهي وجدت للتواصل الاجتماعى وزيادة الترابط بيننا وليس الإنفصال عن أسرنا وأصدقائنا والتقوقع داخلها وفقدان دفء العائلة والحث عن الذات عبر الشاشة وإيجاد علاقات إلكترونية فقط وهذا بخلاف الآثار الجانبية الصحية لذلك فقضاء أغلب الأوقات علي الأجهزة اللوحية والمحمولة قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم وعدم وضوح الرؤية والصداع والتوحد والانعزالية والاكتئاب والانطواء الفكري بالإضافة إلى الفشل على صعيد الحياة الاجتماعية والدراسية .
الاستخدام المفرط الخاطئ للتكنولوجيا يهدر الوقت والصحة ، قال تعالى : ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ والتخلص من هذا الإدمان ليس بالشيء المستحيل لكنه يحتاج للإرادة والعزيمة بالإضافة لمراقبة الذات وهذه بعض من النصائح لكل من يرغب في تغير نمط استخدامه الخاطئ :
1- احسب الوقت الذي تقضيه أمام هاتفك
ابدأ تدريجيا بتقليل عدد ساعات استخدامك للهاتف -2
أعد تواصلك الاجتماعي المباشر مع الأقارب والأصدقاء -3
استبدل التطبيقات غير الهادفة بأخرى مفيدة -4
اختر لك هدفا واعمل على تحقيقه وابحث عن من يحفزك على النجاح -5
شجع نفسك على أن تكون عضوا فعالا في مجتمعك لك بصمة وأثر واضح على أرض الواقع -6
وعلى جانب النشء الصغير فعلى الوالدين أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم فلا ينشغلا بالهاتف أمامهم بل يشاركوهم مواهبهم ولعبهم وتحديد أوقاتا لا يستخدم فيها الجوال مثل أوقات الطعام والمذاكرة والرياضة وهذا من شأنه تحجيم مدة استعماله بالإضافة لايصال أهمية الوقت للطفل واستثماره الجيد من خلال ضمهم للمخيمات والفعاليات الهادفة التى من شأنها أن تنمي الطفل وتصرفه عن إدمان الألعاب الالكترونية .
كثيرون لديهم الرغبة في التخلص من هذا الإدمان المدمر ولكن ينقصهم الدافعية والإقدام على ذلك فعقولنا ليست أسيرة للمحمول ولكنه هو من يخضع لتحكمنا فيها وقتما أردنا ذلك ، فكل دقيقة تمر لن تعود فلتكن في النافع وليس فيما لا طائل منه ، فنحن في نعم نتناسى قيمتها , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) .

بقلم : دانا ربيع التابعي