728 x 90



img

بصمة :
ابتعد عن الذنوب والمعاصي

في كثير من الأحيان نشعر بأننا خرجنا من ثوبنا الديني، وإرتكبنا العديد من المعاصي، التي من الممكن أن تعظم عذابنا، وتجعل لنا نصيباً من عذابات الدنيا والأخرة، ونحن نعلم جيداً أن معظمها يأتي بدون قصد منا، فنحن لا نشعر بأنفسنا ،ألا بعد أن نرتكب المعصية، حينها يبدأ الندم، ويبدم التضّرع لله سبحانه وتعالى لنيل المغفرة، وطلب المسامحة منه عزّ وجلّ، ولكن الأصل في هذا الأمر ليس ترك المعاصي، لأننا في نهاية المطاف أناس، وكلنا خطّاؤون، وخير الخطّائين التوابون، ولذلك، فوجب عليك أن تبتعد عن المعاصي، وأن تذكر الله حين تقوم بها، حتى لا يصاب قلبك بالجحود .
فالمعاصي إذا كثرت تراكمت على القلب والعقل وسدت منافذ العلم الصحيح وعاقت التحصيل بدرجة ما ، قال تعالى : " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " المطففين 14.
وعند ترك المعاصي والتحرز منها استجابة لأمر الله وطاعة له تزكو النفس ويرتفع شأنها ، وتتبارك أعمالها وتكون أكثر صفاء ووضوحا ، وأقدر على التمييز والفهم ، وتمتلك الفرقان الذي به تعرف الحق من الباطل والنافع من الضار ، والصحيح من السقيم ، قال تعالى : ( ياأيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) الأنفال 29 .
وهذا عبيد الله بن شميط قال : سمعت أبي يقول : أيها المغتر بطول صحته ، أما رأيت ميتا قط من غير سقم ؟ أيها المغتر بطول المهلة ، أما رأيت مأخوذا قط من غير عدة ؟ إنك لو فكرت في طول عمرك لنسيت ما تقدم من لذاتك ، أبالصحة تغترون ؟ أم بطول العافية تمرحون ؟ أم للموت تأمنون ؟ أم على ملك الموت تجترئون ؟ .
إن ملك الموت إذا جاء لم يمنعه منك ثروة مالك ، ولا كثرة احتشادك ، اما علمت أن ساعة الموت ذات كرب وغصص وندامة على التفريط .
وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى : إذا سرك أن تنظر إلى الدنيا بعدك ، فانظر إليها بعد غيرك .
والنفس لن تلين وتذل وتعترف بذنوبها إلا إذا كانت في جو يذكرها بالآخرة ، وينبغي على كل واحد منا أن يتفكر في كل مجال منها ، ويحصي ذنوبه فيها ، يقول أحد الصالحين : متى تهت عن الطريق ، فارجع إلى ذنبك تجد الطريق .
فالبر جوع إلى الذنب ومعرفة حقيقته تذل النفس وتنكسر ويتملكها الشعور بالخوف الشديد من الله عز وجل مما يدفعها إلى حسن التوبه إليه .
ومجالات الذنوب والمعاصي كثيرة منها :
1- معاصي الجوارح : كمعاصي اللسان من غيبة ونميمة ، وكذب ، وسخرية واستهزاء بالآخرين ، ومعاصي العين كالنظر إلى ما حرم الله ، ومعاصي الأذنين ، ومعاصي اليدين ومعاصي القدمين ، ومعاصي الفرج .
2- معاصي القلوب : كالتكبر على الآخرين وحسدهم ، وبغيهم والافتخار عليهم والإعجاب بالنفس ، والزهو والاختيال ، والغرور والنفاق والرياء .
3- التقصير في القيام بالحقوق : كحق الوالدين والزوجة والأولاد والأرحام ، وكالتقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله ونصرة المسلمين المضطهدين في شتى بقاع العالم .
4- التقصير في حق الطاعات : كقلة الخشوع فيها ، وإهمال النوافل .
5- التقصير في حق شكر النعم : وهذا باب عظيم ينبغي للعبد أن يلجه ، كي يعلم مدى تقصيره في جنب الله
ولكي يدرك الإنسان حجم هذا التقصير لا بد له من العمل على إحصاء نعم الله عليه في شتى مجالات حياته ، ويسجلها ويبذل وسعه في إحصائها إلى أن يصل إلى درجة العجز عن ذلك لكثرتها ، كما قال تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) النحل 18 .
وعلى الإنسان أن يتذكر المقابل الذي قابل به هذا الكم الهائل من النعم ، ساعتها سيعلم مدى تقصيره في جنب الله ، وارتكابه للذنوب والمعاصي ، سيتملكه شعور بالخوف الشديد من الله تعالى ، فينادي الإنسان من أعماق قلبه : ( أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ) .
وشهر رمضان على أبواب فإغتنم هذه الفرصة في الإنابة والتوبة والإستغفار .

نفسيات
الصوم وبناء الشخصية

الصوم له دور كبير في بناء شخصية المسلم وقد أحب الله تعالى لنا أن تصلح حياتنا ويستقيم منهجنا ونسعد سعادة لا نظير لها وهناك ارتباطا قويا وعلاقة متينة بين فريضة الصوم وخليقة الحلم .
تتجلى في رمضان أسمى غايات كبح جماح النفس وتربيتها بترك بعض العادات السيئة وخاصة عندما يضطر المدخن لترك التدخين لفترة محدودة ، فالصائم هنا يشعر بالطمأنينة وراحة النفس والفكر ويحاول أن يبتعد عن كل ما يفسد صومه من المحرمات والمفسدات ويحافظ على سلوكه في هذا الشهر الكريم .
الصوم يربي في الفرد المسلم الخشونة والرجولة والجود والكرم وغيرها من الصفات الحميدة التي يجب أن يتصف بها المسلم .
إن الصيام يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات ، والصيام ليس فقط الامتناع عن الطعام والشراب ولكنه قبل ذلك امتناع عن الميول للشهوات والتفكير فيها .
إنه بالفعل مدرسة نفسية روحية تقوي أصحابها وطلابها ، وتزودهم بالتربية الروحية الصحيحة والتقويم والتهذيب وتحثهم على عدم التنافر والتحاسد والتباغض ، واستمع إلى قول الله تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عدواة كأنه ولي حميم ، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ) فصلت 34،35 .
رمضان شهر التآخي والألفة وندرة الانفعال والغضب ... وهذا الجو الروحاني الهادئ يترك أثره على فسيولوجية الإنسان مما يؤدي إلى نقصان في إفراز المواد المهيجة والتي قد تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ، يقول الدكتور العالمي ( ألكسيس كاريك ) في كتابه الإنسان ذلك المجهول : ( إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام ، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع ويحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه ، فإن سكر الكبد سيتحرك ويتحرك معه أيضا الدهن المخزون تحت الجلد وبر وتينات العضل والغدد وخلايا الكبد وتضحى جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسيط الداخلي وسلامة القلب ، إن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا ) .
والصوم يجعل الإنسان يكون في حالة من التواضع والخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله ، وهذا ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته ويعمق الخشوع والإحساس بالسكينة والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية .
إنه يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية ويدرب الإنسان ، وينمي قدرته على التحكم في الذات ، قال صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدام له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) رواه البخاري .
فلا يليق بالصائم التقي العاقل أن يطلب الشر ، ويؤثر السفاهة والحماقة على الحلم والرشاد ، ولا يليق به أيضا وفي هذا الشهر المبارك أن يكون فريسة لدوافع الغضب وعوامل الهيجان والانفعال والغضب والمقاتلة والمشاجرة ، ولا يليق به وهو في شهر التقوى والغفران أن ينزل إلى الدرجات السفلى تاركا المنزلة الكريمة الرفيعة التي كرمه الله بها .
الصيام يربي في الفرد المسلم الخشونة ويربيه على الجود والكرم والقناعة والرضا بالقليل ، رمضان شهر التآخي والألفة وندرة الانفعال والغضب ....وهذا الجو الروحاني الهادئ يترك أثره على فسيولوجية الإنسان مما يؤدي إلى نقصان في إفراز المواد المهيجة والتي قد تؤدي إلى ارتفاع في ضغط الدم .
وهذا قليل من كثير من الفوائد الصحية العظيمة التي تعود على الصائم ، وعلى ضوء هذا ندرك أن للصيام مكانة عظيمة في الإسلام شأنه في ذلك شأن العبادات والواجبات والأركان الأخرى .
إن الإسراف في الأكل يؤدي إلى نتائج خطيرة في الجسم البشري أهمها فقدان عضو الدماغ نشاطه وفعاليته الحيوية وسلبه قابليته الفكرية ومواهبه وقدراته العقلية ، ويجز به إلى دنيا الكسل والجمود والنوم الكثير إلا أن مدرسة الصيام جاءت لتعلم الإنسان كيف يعطي الحق للجسم وللروح ، وجاءت هذه الصرخة مدوية في ميادين الصحة وعالم الغذاء ، قبل أربعة عشر قرنا ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ) .
والطب الحديث اليوم يوصي باستعمال سلاح الصيام من أجل الزيادة في التركيز الذهني والتعمق الفكري الذي يستوجب حضور الصفاء العقلي والهدوء العصبي ، فالصيام يبعث في النفس البشرية المشاعر والأحاسيس المنعشة التي تعطي الفكر طاقة ذهنية عالية ، والقدرة على السيطرة والتحكم في ممارسة التركيز الذهني العميق وقوة الذاكرة وحصر الفكر واسع الأطراف في نقاط ومراكز جوهرية ثابتة
والصيام الحقيقي يؤدي إلى تهذيب الفكر والنفس ونيل رضى الله تعالى ، ولا بد للمسلم أن يستفيد من الصيام فإنه رياضة روحية يصل إلى ذروة الكمال الجسماني والعقلي .
والتقليل من الطعام في هذا الشهر له فوائد كثيرة منها :
1- الإقلال من الطعام يرقق القلب ويزيده قربا من الله تعالى .
2- الشبع ينسيك إخوانك الفقراء والمساكين ، أما الإقلال يجعلك تعيش مع إخوانك
3- يدفع عنك كثرة النوم ، فهذا شهر عبادة وصلاة وقراءة قرآن وذكر .
4- يعلمك الانكسار والذل ويبعد عنك التكبر والخيلاء .
وهذا الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول : ما شبعت منذ ستة عشر سنة إلا شبعة أطرحها لأن الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة ويجلب النوم ويضعف صاحبه عن العبادة .

مهارات حياتية:

- إذا أظهر ابنك شجاعة في بعض المواقف فامدحه على ذلك وكافئه ، وبيّن له أن الشجاعة هي أن تفعل ما هو صحيح وضروري .
- لا تعوّد ابنك على الإغراء المادي لحثه على فعل أمر ما ، فإن ذلك يضعف شخصيته أمام المادة .
- لا تتضجر من كثرة أسئلة ابنك ، وحاول أن تجيب عن كل ما يسال عنه بإجابات بسيطة ومقنعة .
- اعلم أنك قدوة لأبنائك فإذا تهاونت بالعبادة أو تكاسلت عنها وتثاقلت عند القيام بها تأثر أبناؤك بك في ذلك واستثقلوا العبادة وربما تهربوا منها .
- علّم ابنك أن الناس يتفاضلون بالتقوى والعمل الصالح لا بالأنساب والأحساب والأموال .

تفاءل وابدأ الحياة :

1-اكد ثقتك بنفسك فالثقه هي اساس النجاح.
2-ابتعد عن المحبطين ومثبطي الهم وتجاهل الذين يسعدون بترديد كلمات اليأس والأحباط والألم والبؤس.
3- رؤيتك لذاتك واعتدادك بنفسك هما سبب نجاحك.
4- استحضر جميع الافكار الإيجابية التي تسعدك وتشحذ همتك.
5- ابتعد عن مقارنة نفسك بأي شخص آخر خصوصا الفاشل.
6-لاتسمع لأصحاب الشكاوى من سوء الحظ والظروف لأنهم بدون أن تشعر يتركون لديك شعوراً سلبياً
وذلك ممكن أن يقلل من طموحاتك.

( من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله )
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري