728 x 90



img

بصمة :
التميز في الحياة

ديننا الإسلامي لا يعرف المسلم الذي يعيش لنفسه وأهله فقط ( من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ) ، والنجاح الذي يحققه الإنسان بمفرده ، وبمعزل عن الآخرين هو نجاح ناقص مبتور ، وإذا رجعنا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهي أعظم سيرة على الإطلاق ، كان لا يعمل لنفسه بل يعمل للآخرين ، ودعوته لم تأتي خاصة بل جاءت للناس كافة ، قال تعالى :( قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحن الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108 .
إذا كانت رسالتك وهدفك يتضمن إرضاء الله سبحانه وتعالى ، والاهتمام بنفسك وأهلك والآخرين ، فهذه الرسالة الفعالة حقا الجديرة بتغيير مجرى حياة الإنسان ووضع أقدامه على أول درب السعادة والتغيير والنجاح والتفوق في الدنيا والآخرة .
هدفك في هذه أن تكون إنسانا متميزا ، وتميزك يكون بتحقيق العبودية لله تعالى ، وإقامة خلافته في الأرض ، وأنت الذي تصنع الحياة بهذا الدين من خلال التفوق فيه والمساهمة عبره
لا بد أن تكون لديك إمكانيات ومواهب ، فكل إنسان أودع الله تعالى فيه مواهب وقدرات تختلف من شخص لآخر ، يستطيع من خلالها أن يبدع ، ولا بد أن تكون لديك القناعة الداخلية بهذا التمييز ، وأنك قادر على التغيير ، وهذه تكون نابعة من نفسك غير مفروضة عليك من الواقع أو من الآخرين .
لا تحاول أن تقلد غيرك تقليدا أعمى ، فتهفو أن تصبح مثل فلان أو علان من النماذج الناجحة ، لمجرد أنك رأيت الناس يعجبون به ويثنون عليه ، حتى ولو كان مجاله وتخصصه لا يناسب ميولك وإمكانياتك ، وساعتها ستكون كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ، أو كالغراب الراقص الذي أراد أن يتعلم مشية أحد الطيور فلم يستطع ، فلما أراد أن يعود إلى مشيته نسيها ، فكان مشيه مثل الراقص الأبله .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي صحابته رضي الله عنهم على الحفاظ على التميز والتنوع والتباين في الميول والإمكانات واستثمارها الاستثمار الأمثل في خدمة الإسلام والمسلمين ، فيقول صلى الله عليه وسلم : ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأكثرهم حياء عثمان ...) رواه الترمذي .
ولذا فقد وجدنا منهم رضي الله عنهم الخليفة كأبي بكر وعمر ، والقائد العسكري الفذ كخالد وعمرو بن العاص ، والعالم الفقيه كابن عباس وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين .
وهذا العالم الأمريكي المشهور ديل كارنيجي يحكي قصة تجربته المريرة التي مر بها ، عندما كان يريد الوصول إلى التميز والنجاح والتغيير ، اعتقد أن طريق النجاح سريع وقصير ، وكان يريد أن يقلد غيره من المشهورين ويأخذ من صفاتهم ومزاياهم ، ويجعل من نفسه نجما ناجحا لامعا في مجال التمثيل ، ولكن هذه الفكرة كانت سخيفة وواهية ، ويقول : إذ كان علي أن أمضي عدة سنوات من حياتي أقلد الآخرين قبل أن أكتشف الفكرة الأكيدة والأساسية وهي أن أكون ذاتي ، وأنني لا يمكن أن أكون غير ذاتي .

نفسيات
حب الوطن تعزيز للصحة النفسية

تعد الحاجة إلى الأمن هي من أهم الحاجات الأساسية لبقاء الإنسان وتطوره ومن أنواع الأمن هناك الأمن النفسي والأمن الفكري والأمن الجسدي والأمن الصحي والأمن الاجتماعي والأمن الصناعي فبعضها يخص الفرد ولكن هناك الكثير منها يخص المجتمع باعتباره الدائرة الأوسع .
أمن الوطن وهو شريان الحياة لكل فرد يعيش على أرض الوطن، فهو يعني الكثير جداً وتقابل هذه الكلمة الكثير من المترادفات التي تستحق فعلاً التضحية في سبيلها فأمن الوطن يعني المستقبل والهوية والوجود ويعني القوة والإباء ، ويعني مشاعر كثيرة يمنحها الأمن لنا فيها الطمأنينة والراحة التي نراها في عيون كل من نحب .
فالطفل منذ مراحل نموه الأولى يجب أن يتعلم أنه يعيش في مجتمع ، وأنه عنصر فيه ، ويجب أن يكون صالحاً وقادراً على تحمل المسؤولية والمشاركة في نموه وتقدمه ورقيه بالجد والعمل والكفاح ويجب أن ينشأ منذ مراحل عمره على الولاء والانتماء وحب الوطن .
وهناك العديد من المؤسسات التي تعمل على تشكيل وتنمية الوطنية والمواطنة عند الفرد كالأسرة ، و المسجد ، والمدرسة ، ووسائل الإعلام ، إلا أن الأسرة والمدرسة تعتبران أهم المؤسسات في إعداد الأطفال، وتربيتهم على الوطنية . والمواطنة
فتأصيل "روح المواطنة" يمكن أن يعد ضمن الاعتبارات القيمية في تكوين الجيل ويعني تأكيد حق الوطن في كل ما يتعلق برؤية الفرد وجهوده لتحقيق ذاته ومكانته، ونظراً للبعد القيمي الكامن في كل من "الوطنية " و"المواطنة" تتضح مسؤولية الأسرة في تنمية قيم المواطنة وتعد هذه المسؤولية من أهم مؤشرات كفاية الأداء في العصر الحديث .
تبرز أهمية المواطنة وتربيتها من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع وأمنه واستقراره ، وصيانته من التهديدات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية .
ويتم ذلك من خلال إكساب المجتمع المعارف والقيم والاتجاهات والمهارات التي يستطيعون من خلالها تحقيق مقومات المواطنة الصالحة .
وتنمية مفاهيم ومهارات المواطنة تتم من خلال مؤسسات متعددة ، انطلاقا من الأسرة التي يقع على عاتقها الدور الرئيسي في تربية النشء حيث يتم من خلال التنشئة الاجتماعية تكوين القيم والاتجاهات وتعزيز الشعور بالمسؤولية والمواطنة والولاء والانتماء للوطن .
كما تقوم الأسرة بتدريب أبنائها على المهارات والسلوكيات التي تعينهم على ممارسة أدوارهم الاجتماعية وفق نظم وقوانين وقيم المجتمع الذي يعيشون فيه .
ولا ننسى أيضا دور المدرسة المؤسسة التربوية الأولى التي أوجدها المجتمع لتحقيق أهدافه الوطنية ، وتعد المدرسة إمدادا وظيفيا للأسرة تقوم معها بدور كبير في عملية التنشئة الاجتماعية ، حيث تقوم بوسائلها المختلفة على تعميق شعور الانتماء والولاء للمجتمع وتنمية قيم حب الوطن لدى النشء وتساهم في بناء شخصيته وتثقيفه وإعداد الأفراد لمواجهة المتغيرات والتحديات التي تحدث في المجتمع .
فالأسرة والمدرسة والإعلام تقع عليهم أمانة حب الأوطان وتعليم حب الوطن لكل إنسان، فالوطن عزيز ومعزته تأتي في الحفاظ على خيراته وثرواته ولا يأتي ذلك إلا بتربية أطفالنا التربية الوطنية الصحيحة القائمة على المحبة الخالصة والتي من خلالها يعم الأمن فتكون الأجيال الصاعدة ذخيرة من الثروة ومن الحماية والسلام والأمان.‏
فالانتماء مثله مثل باقي المكتسبات المجتمعية ينتقل إلى الأطفال بالتعلم عن طريق الوالدين والمحيطين، وكلما زاد شعورنا نحن المربين بالانتماء وترجمنا تلك المشاعر إلى مواقف وأفعال نقلنا تلك المفاهيم إلى عقول ووجدان أبنائنا من دون أن ننطق بكلمة واحدة.
الانتماء للوطن قيمة تفاؤلية تبعث على التطور، وتغذي الطموح داخل الإنسان، ومن ثم تمده بالطاقة اللازمة لتحقيق الرفعة والتقدم للفرد والمجتمع والوطن .
نعم الوطن يريد عمل ولا يريد خلل والوطن يريد أفعال ولا يريد أقوال والوطن يريد إتحاد ولا يريد إفساد والوطن يريد اتفاق ولا يريد اختلاف وما أجمل أن نطبق في هذا الحياة شعار (يد تحمي ويد تبني ) فالوطن يحتاج إلى سواعد أبنائه قبل سواعد أصدقائه خصوصاً في هذا الوقت الذي نرى العالم فيه من حولنا فيه صراع وضياع نسأل الله العفو والعافية .
والله نحبك يا قطر .

مهارات حياتية:

- لكل إنسان وجود وأثر ، ووجوده لا يغني عن أثره ، ولكن أثره يدل على قيمة وجوده .
- إن تحديدك لأهدافك وسعيك إلى تحقيقها ، سوف يعطيك الشعور بأنك تتحكم في حياتك بإذن الله تعالى .
- الإنسان الفعال حقا هو الذي يجعل المبادئ القويمة مركزا لاهتمامه ومنطلقا لرسالته .
- الأسرة المستقرة المتكاتفة مصدر أساسي من مصادر سعادة الإنسان، ومهما حقق الإنسان النجاح في عمله فإنه لا يشعر به إذا فشل في بناء أسرته .
- إن جسدك هو وسيلة المواصلات التي تسير بك في رحلة النجاح ، وبدون التمتع بصحة قوية يصعب على الإنسان أن يستمر في الفاعلية .
- لا يستطيع الإنسان مهما أوتي من مهارات وقدرات أن ينجح نجاحا كاملا بمفرده ، فهو كائن اجتماعي بطبعه يحتاج للإحساس بالصداقة والألفة .

( من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله )
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري