728 x 90



img

إضاءات نفسية :
كيف نبني السعادة الأسرية ؟

يختلف الناس في تحديد مفهوم السعادة وأسبابها فمنهم ن يرون بالثراء والمراكز والمناصب العليا وآخرون يجدونه بالحياة العصرية الصاخبة ، إلا أن السعادة الحقيقية التي تسعى الأسرة إلى الحفاظ عليها تكمن في القناعة .
إن من الأهداف الجميلة التي يسعى إليها كل الزوجين أن يكون لديهما بيت سعيد ، ولا أظن أن هناك رجلا أو امرأة إذا سألته حين زواجه عن أفضل أمنياته من هذه الخطوة في حياته إلا ويجيبك : أن أبني بيتا سعيدا يرضى عنه الله تعالى ، وينبت الخير في المجتمع وتهنأ النفوس .
السعادة الزوجية ينشدها كلا من الزوجين في الحياة فهذه السعادة تدعو الإنسان إلى السعي الحثيث إلى دخول عش الزوجية ، وهي التي تكون سببا في المحافظة على الوفاء من أحدها للآخر في الحياة وبعد ا تتطلب سعادة الأسرة أسسا متينة تقوي الروابط العائلية وتعزز القيم والقناعة بما لدينا .
إن وجود العاطفة التي تقوي الروابط بين الوالدين والأبناء من مودة ورحمة وثقة واحترام متبادل يعد مسكنا للنفس وعامل استقرار للحياة ، وهذه الدائمة تسمح بتقاسم أعباء الحياة اليومية والمشاركة في أفراحها وأتراحها فتحقق التفاهم والسعادة .
لا بد من توزيع الأدوار والمسؤوليات بين الزوجين والأبناء فكل واحد يتحمل مسؤولية أمر ما ، وهذه النقطة تشعر جميع الأفراد بأنهم مهمون ويؤدون دورا أساسيا في الحياة الأسرية ، فيكون ذلك مصدر سعادة الجميع .
هناك أمور كثيرة يقوم عليها بناء الأسرة المسلمة وتتوطد فيها العلاقة الزوجية وتبتعد فيها عن رياح التفكك وأعاصير الانفصام :
1- وأول هذه الأمور وأهمها التمسك بعروة الإيمان الوثقى ... الإيمان بالله واليوم الآخر والخوف من الله سبحانه وتعالى ، ولزوم التقوى والمراقبة والبعد عن الظلم والتعسف في طلب الحق .
إن العلاقة بين الزوجين ليست علاقة دنيوية مادية ولا شهوانية بهيمية ، غنها علاقة روحية كريمة ، وحينما تصبح هذه العلاقة وتصدق هذه الصفة ، فإنها تمتد إلى الحياة الآخرة بعد الممات .
2- المعاشرة بالمعروف ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة كل طرف ماله وما عليه ، وإن الكمال في البيت و
أهل البيت أمر متعذر ، والأمل في استكمال كل الصفات فيهم أو في غيرهم شيء بعيد المنال في الطبع البشري ، يقول الله تعالى : " وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا " سورة النساء الآية 119 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي .
وكيف تكون الراحة ؟ وأين السكن والمودة ؟ إذا كان رب البيت ثقيل الطبع ، سيء العشرة ضيق الأفق ، يغلبه الحمق ، ويعميه التعجل ، بطيء في الرضى سريع في الغضب ، إذا دخل فكثير المن ، وإذا خرج فسيء الظن ، وقد علم أن حسن العشرة وأسباب السعادة لا تكون إلا في اللين ، والبعد عن الظنون والأوهام التي لا أساس لها ، إن الغيرة قد تذهب ببعض الناس إلى سوء الظن ، يحمله على تأويل الكلام والشك في التصرفات ، مما ينغص العيش ويقلق البال من غير العيش ويقلق البال من غير مستند صحيح .
فلنعلم جميعا أنه بحصول الوئام تتوفر السعادة ، ويتهيأ الجو الصالح للتربية ، وتنشأ الذرية في بيت كريم مليء بالمودة وعامر بالتفاهم ، بين حنان الأمومة وعقل الأبوة ، بعيدا عن صخب المنازعات والاختلاف وتطاول كل واحد على الآخر ، فلا شقاق ولا نزاع ولا إساءة ، ولسان حال الزوجين يقول : " ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " سورة الفرقان الآية 74 .

خواطر نفسية :
تزكية النفس بعد رمضان

ها نحن ودعنا رمضان المبارك ... ونهاره الجميل ولياليه العطره ، ها نحن ودعنا شهر القرآن والتقوى والصبر والجهاد والرحمة والمغفرة والعتق من النار ، فماذا جنينا من ثماره اليانعة , وظلاله الوارقه ؟!
هل تحققنا بالتقوى ... وتخرجنا من مدرسه رمضان بشهادة المتقين ؟!
هل تعلمنا فيه الصبر والمصابرة على الطاعة , وعن المعصية ؟!
هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه ؟!
هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟!
هل غلبتنا العادات والتقاليد السيئة ؟!
أسئلة كثيرة .. وخواطر عديدة .. تتداعى على قلب كل مُسلم صادق .. يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة .. ماذا استفدت من رمضان ؟
إنه مدرسة إيمانية ... إنه محطة روحيه للتزود منه لبقية العام ... ولشحذ الهمم بقيه الغمر ...
فمتى يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويُغير من حياته من لم يفعل ذلك في رمضان ؟!
إنه بحق مدرسة للتغيير .. نُغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله جل وعلا " .. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ... " الرعد 11 .
إن من أهم الأسباب تحول رمضان -في نظر كثير من المسلمين- من إطار العبادة إلى إطار العادة، فكثير من الناس لا ينظر إلى رمضان إلا على أنه شهر تمارس فيه عادات معينة ينبغي ألا يخالف الناس في أدائها، فتجد البعض مثلا يصوم رمضان في حين أنه لا يصلي، وربما صلى التراويح من غير أن يقوم بالفريضة...وهكذا، مما يؤكد أن هؤلاء لم يتعبدوا في رمضان إلا بمنطق العادة لا العبادة، وبالتالي لم يحدث هذا الشهر التغيير المطلوب في حياتهم، ولذا فما أن يخرج الشهر حتى يعود كل واحد إلى ما كان عليه.
وهناك سبب آخر وهو ما يشعر به المسلم -ولو كان عاصياً- من أجواء إيمانية في هذا الشهر المبارك نتيجة ما ميزه الله به من تصفيد الشياطين، وإقبال النفوس على الطاعة، وفتح أبواب الجنان، وغلق أبواب النيران، كل هذه الأجواء تساعد المسلم على التقرب إلى ربه، والبعد عن المعاصي والسيئات، فإذا انتهى رمضان واختفت تلك الأجواء عاد العاصي إلى معصيته.
ومن الأسباب كذلك ما يتسرب إلى النفوس الضعيفة من ملل وفتور بعد الحماس والنشاط، ولعل المتابع يلحظ ذلك في تناقص المصلين في التراويح في آخر الشهر خلافاً لبدايته، فالعبادة وإن كان لها أثر عظيم في طمأنينة النفس وسكونها، إلا أنها تحتاج إلى مجاهدة ومغالبة للنفس وأهوائها، لأن النفس مطبوعة على حب الدعة والقعود والإخلاد إلى العاجلة.
ولعلاج هذه الظاهرة ينبغي تعريف المسلم بعبوديته لربه، وأن هذه العبودية عبودية دائمة غير مقيدة بزمان ولا مكان، وعمل المؤمن لا ينقضي حتى يأتيه أجله، قال الحسن البصري رحمه الله: "إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت ثم قرأ قوله عز وجل: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" (الحجر:99).
ويجب أن نعلم أن شهر رمضان فضيلة تفضل الله بها على عباده، ليزدادوا إليه تقربا، ويسارعوا في فعل الخيرات، فإذا وقر ذلك في نفس المسلم كان أحرص على عبادة ربه طيلة عمره فلا يقطعه عنها انقضاء شهر أو دخوله.
وفيما يتعلق بالملل والفتور، فإن العبادة كثيراً ما تأتي على خلاف هوى العبد ورغباته، مما يتطلب قدراً من المجاهدة والمشقة في بداية الأمر حتى تألف النفس الطاعة ثم تستقيم على أمر الله، قال سبحانه: " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" (العنكبوت:69) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) رواه مسلم.

همسات :

- اعلم أنك قدوة لأبنائك فإذا تهاونت بالعبادة أو تكاسلت عنها وتثاقلت عند القيام بها تأثر أبناؤك بك في ذلك واستثقلوا العبادة وربما تهربوا منها .
- علّم ابنك أن الناس يتفاضلون بالتقوى والعمل الصالح لا بالأنساب والأحساب والأموال .
- لا تخلف وعدك أبدا وبخاصة مع أبنائك فغن ذلك يرسّخ في نفوسهم فضيلة الوفاء بالعهد .
- لا تمانع في أن يختار ابنك أصدقاءه بنفسه ، ويمكنك أن تجعله يختار من تريد أنت دون أن تشعره بذلك .



أجمل ما قرأت :

‎العادات السبع للناس الأكثر فاعلية، دروس فعالة في التغيير الشخصي ( مكتبة جرير ) .
كتاب مترجم لأكثر من لغة كان من نصيب اللغة العربية نسخة منه وهو للكاتب ستيفن آر كوفي‎ ، هذا الكاتب مشهور عنه الحكمة والقدرة على تغير سلوك الفرد وهذا ما حدث بالفعل مع كثير من الرؤساء وكبار المديرين في العالم حين قرءوا لهذا الكاتب الرائع ، كن واحد منهم وحسن فكرك للأفضل .

( من إعداد الدكتور / العربي عطاء الله )
إستشاري في الإرشاد النفسي والأسري