728 x 90



img

أكد السيد محمد البنعلي المدير التنفيذي لجمعية أصدقاء الصحة النفسية «وياك»، أن التبعات النفسية للحصار لا تقع على أهل قطر وحدهم، بل تمتد للكثير من الأسر في الخليج، خاصة مع حجم الترابط الكبير بين الدول والمجتمع الخليجي، مشيراً إلى أن الحصار أظهر مستويات عالية بين كافة أبناء قطر، والتفافاً واضحاً حول القيادة الرشيدة.
قال البنعلي في حوار لـ «العرب»، إن الاتصالات التي تستقبلها «وياك» زادت بنسبة 100 % بعد الحصار، كما أن الجمعية عملت منذ اليوم الأول للأزمة على بث رسائل تطمين للجمهور، من بينها التعريف بتصريحات المسؤولين في قطر، والبث المباشر الذي يتناول طريقة التعامل مع تبعات الحصار، وأشار إلى أن الأزمة أظهرت مدى ارتباط المقيمين بقطر، واعتبارها بلدهم الثاني.
وكشف المدير التنفيذي لجمعية أصدقاء الصحة النفسية «وياك»، عن اتفاقية تعاون مرتقبة مع قسم الطب النفسي بـ«حمد الطبية»، وعن العمل على زيادة عدد المرشدين النفسيين بـ«وياك» 10 أضعاف خلال 3 سنوات، مشدداً على أن الحرفية والسرية تأتي على رأس مبادئ الجمعية، وفيما يلي نص الحوار:

كيف ترون التبعات النفسية التي تلت حصار قطر؟
- التبعات النفسية لا تقع على أهل قطر وحدهم، فدول الخليج بينها تقارب كبير، والتبعات وقعت على الشعوب المحاصرة أنظمتها لقطر أيضاً، حتى من نجده يتحدث بلهجة قوية فيها من السب وغيره من الأمور، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هو نتاج لانفجار نفسي.

وكيف ترون ما أظهره الحصار من تكاتف وتلاحم الشعب القطري مع القيادة؟
- الحصار أظهر مستويات عالية من التكاتف بين أبناء قطر والقيادة، فلا شك أن الشعب القطري كان داعماً دائماً لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، ولكن الأزمة أظهرت جوانب عالية من التأييد، فكان تأييداً عفوياً رائعاً من كل من يعيش على أرض قطر.

ما هي التبعات النفسية التي رصدتموها بعد حصار قطر؟
- لا شك أن حصار قطر كانت له تبعات نفسية، والأمر لا يتعلق بصبر الناس على الملمات من عدمه، ولكنها علاقات أسرية متجذرة، فقطع الوصل كان أكثر الأمور التي أضرت بالقطريين، فثمة صلات أرحام قطعتها دول الحصار، وصلت لدرجة التفرقة بين الرجل وأبنائه أو زوجته، وهذا الأمر كان له الكثير من التبعات النفسية، فالكثير من القطريين لهم علاقات أسرية مع أقارب في السعودية أو الإمارات، وهذا ترك حزناً واضحاً في نفوسهم، خاصة أن هذه القطيعة جاءت في شهر رمضان الفضيل، ولم يبد أي أفق للحل مع تعنت دول الحصار في بداية الأزمة، والتهم الباطلة التي وجهوها لقطر، وشخصياً أعرف بعض الأسر التي تأثرت جراء هذا الحصار، حيث تعيش الأم بعيدة عن أبنائها بسبب هذه القرارات الجائرة، فثمة صدمة قد تستمر حتى بعد انقشاع الأزمة، فالتبعات النفسية قد تستمر لفترات طويلة.
نسبة الاتصالات
هل تسببت الأزمة في زيادة العبء على «وياك»؟
- بالتأكيد، كان لدينا ضغط يومي بسبب الاتصالات التي نستقبلها، والأزمة زادت من عدد هذه الاتصالات، فخدماتنا كانت من الساعة 3 وحتى 9 مساء، ومعدل الاتصالات التي نستقبلها يومياً كانت ما بين 5 أو 6 اتصالات، ولا يمكن أن نعطي أكثر من ذلك، فالاتصال الواحد يمكن أن يصل لأربعين دقيقة، والآن زاد الاتصال بصورة ملموسة، ولا يمكننا الجزم إن كانت زيادة الاتصالات بسبب الأزمة أم لا، فالكثير من المشكلات وللوهلة الأولى في النظر لها، نجدها اجتماعية أو أسرية، ولكن عمقها يمكن أن يكون مرتبطاً بالأزمة.

وكم عدد الاتصالات التي تستقبلونها في اليوم بعد حصار قطر؟
- زادت نسبة الاتصالات بما يقرب من 100 %، حيث نستقبل من 10 إلى 12 اتصالاً يومياً.

ماذا عن جهودكم على مواقع التواصل الاجتماعي خلال أزمة حصار قطر؟
- عملنا منذ بداية الحصار على بث رسائل تطمين من خلال موقعنا وصفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي، وحرصنا على اقتباس الكثير من أقوال المسؤولين، خاصة وأنهم حرصوا على طمأنة الجمهور منذ اليوم الأول للحصار، وكان لهم دور بارز في هذا الشأن، إضافة إلى الآيات القرآنية، التي يكون لها أثر بالغ في نفوس المتابعين، وعملنا على بث محاضرات أون لاين عبر صفحاتنا، تابعها عدد كبير من السكان، وحرصنا على توعية الكثيرين بضرورة ممارسة حياتهم الطبيعية.

كيف ترى مكاسب أزمة حصار قطر؟
- لا شك أن ثمة الكثير من المكاسب التي جنتها قطر من هذه الأزمة، وبعيداً عن المكاسب الاقتصادية بتنويع مصادر الاستيراد وغيرها، تجلى لكل قطري مدى ارتباط المقيمين بقطر، وحرصهم على الوقوف صفاً مع إخوانهم القطريين، حتى أن البعض وقف مع قطر ضد بلده، لما رآه من بعد أنظمة دول الحصار عن الصواب، وكل ذلك سيكون له أثر إيجابي بارز في مستقبل قطر.

ما هي المبادئ التي ترتكز عليها «وياك»؟
- من أبرز مبادئنا الحرفية والسرية التامة، فلا أحد من الإدارة يعلم أي تفاصيل عن المريض، والإدارة تشجع على هذا التوجه، ومؤخراً يجتمع المختصون بصورة دورية من أجل مناقشة الحالات، والتوصل لأفضل الطرق للتعامل معها، ما يضمن أعلى مستويات الخدمة.
الرعاية الصحية
كانت لكم اتفاقية مع مؤسسة الرعاية الصحية الأولية، من أجل زيادة التعاون معها، فهل من اتفاقيات مقبلة؟
- نعم، خلال الفترة المقبلة سنقوم بتوقيع اتفاقية مع قسم الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية، من شأنها زيادة التعاون مع القسم، ونأمل من خلال هذه الاتفاقيات أن نستقطب بعض الكوادر المتخصصة من المؤسسات الصحية في الدولة، خاصة وأن المريض لا يتوجه لهذه المؤسسات خشية من الوصمة، فنتغلب على هذه الوصمة، لأننا لا نفتح ملفاً للمريض، وحتى إن وصلت الحالة لمرحلة نحتاج عندها لفتح ملف من أجل صرف الدواء، فإننا نقنع المريض بأن هذا الأمر ليس فيه عيب، ولا ينطوي على وصمة.

المجتمع القطري
ما هو دور «وياك» في المجتمع القطري؟
- «وياك» هي منظمة مجتمع مدني، أنشأت في أوائل العام 2014، وحققت خلال هذه السنوات قفزات بارزة، بفضل الدعم الذي تتلقاه من عدة مؤسسات، وعلى رأسهم سعادة الشيخ ثاني بن عبد الله آل ثاني، رئيس مجلس إدارة الجمعية، ونائبه السيد حسن بن عبد الله الغانم، فضلاً عن الجهود المجتمعية الداعمة لجهودنا، من متطوعين ومختصين، ومؤسسة حمد الطبية، ومؤسسة الرعاية الصحية الأولية، فلا يوجد مؤسسة تستطيع أن تحقق نجاحات بمفردها، ولا شك أن ثمة ندرة للمختصين النفسيين في العالم العربي كله.
وفي «وياك» نحرص على تقديم الخدمة في غلاف اجتماعي، خاصة وأن مشكلة الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي، من أبرز المشكلات التي تعطل لجوء المريض للمختصين، فالجمعية توفر الخدمة بدون فتح ملفات أو غيرها من الأمور التي تشعر المريض بالحرج، والكثير من الحالات لا تحتاج لعلاج نفسي، ولا تعدو كونها مشكلات مرتبطة بأزمات أسرية أو وظيفية، وحسب ما يأتينا من مراجعات، فما يقرب من 90 % من الحالات التي تلجأ للمستشفيات هي لمشكلات عمقها ليس نفسياً، وإن كانت التبعات نفسية، ونحن نعمل على حل هذه المشكلات، الأمر الذي يخفف من عدد المراجعات على قسم الطب النفسي، ويقلل من قوائم الانتظار محل شكوى الكثيرين.

كيف تقيمون نتائج ما رصدتموه في بداية عمل «وياك»؟
- وجدنا تفاعلاً كبيراً ممن يعانون من مشكلات نفسية مع افتتاح الجمعية، وهو ما أوصلناه لمؤسسات القطاع الصحي في قطر، كمؤسسة حمد الطبية والرعاية الصحية الأولية، حيث أكدنا لهم أن الجمعية لها دور بارز في استقبال الحالات والتعاطي معها، ولا بد أن يكون لحمد الطبية دوراً داعماً لجهود الجمعية، من أجل استمرارية عملها، ولمسنا تفهماً واسعاً من المؤسسات.

خطوات مستقبلية
ماذا عن الخطوات المستقبلية لـ«وياك»؟
- نسعى مستقبلاً لألا يتوقف جهدنا على استقبال الاتصالات والاستفسارات فحسب، بل يمتد ليشمل المقابلات الشخصية، ونحن في طور النقاش مع الجهات المختصة، بناء على طلب الجمهور، ومن الممكن أن نخصص ساعتين إلى ثلاث ساعات للمقابلات صباحاً بما يمثل توسعاً في برامجنا المقدمة للجمهور، سعياً من «وياك» إلى تقديم خدماتها لأكبر عدد، خاصة وأننا نقدم خدماتنا لكافة شرائح المجتمع القطري من مواطنين ومقيمين، شأننا شأن كافة مؤسسات القطاع الصحي.

كم عدد المختصين في الوقت الحالي، وهل من نية لزيادتهم خلال المرحلة المقبلة؟
في الوقت الحالي، «وياك» تستعين بـ 5 مرشدين نفسيين مجتمعيين، يستقبلون المكالمات من 3 إلى 5 مساء، ومن المخطط خلال السنوات الثلاث المقبلة أن نزيد العدد 10 أضعاف، أي نصل بالعدد لـ 50 مرشداً نفسياً، وهو ما يعتبر تحدياً كبيراً، لأننا نعمل على اختيار دقيق للمرشد النفسي، ونعمل على المزيد من عملية التأهيل من خلال دورات مستمرة للكوادر، والاستشاريين في الوقت الحالي يصل عددهم لـ 6، من بينهم ثلاثة أطباء من المؤسسات الصحية القطرية، وثلاثة مختصين لديهم دكتوراه في هذا المجال.