728 x 90



img

تنتشر الشائعات المجهولة المصدر بين حين وآخر، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك وتويتر، والماسنجر والمواقع الإلكترونية والمنتديات وخدمات البلاك بيري والبي بي والواتس آب .... الخ )، بشكل أصبح يشكل هوساً يومياً لمشتركيها، والغريب أن هذه الشائعات والأخبار المغلوطة دائماً ما تنسب للصحف، والقنوات التلفزيونية، والإذاعية، أو غيرها من الجهات الموثوقة بهدف منحها صبغة رسمية ومرجعية، من قِبَل مروجيها، الذين يصفهم عدد من علماء النفس بأنهم من ذوي الشخصيات «السيكوباتية»، المنافية لأخلاق المجتمع، وزاد بعضهم بوصفهم أنهم ضائعو الهوية، وفاقدو الهدف، ووصفهم علماء الدين بالفاسقين، وناشري البلبلة والفوضى في المجتمع.
يرى بعض علماء النفس أن الإشاعة تعبر عن المشاعر المكبوتة في النفس فهي كأحلام اليقظة فترديدها ينفس عن النفس ويخرج المشاعر المكبوتة ويفرج عن دوافعها ، كما أن هناك ضغطا فكريا يحتاج إلى تأويل المواقف الغامضة ولكن حسب المتطلبات والأماني ولذلك فإن انتقال الإشاعة من شخص لآخر فإنها تتعرض للتحوير والتبديل كل بما يتفق مع ميوله .
وأكدت إحدى الدراسات النفسية أن الشائعة تتغير 70% عن مصدرها الأصلي من خلال انتقالها عبر عدد من الناس، كل منهم يسعى لتصديقها بما يتفق ورغبته في التصديق أو التكذيب، وأن الرجل والمرأة يتساويان في مستوى تلقي الشائعة، سواء بالإيجاب أو النفي، كما أن الشائعة ليست سلبية دائمًا، إذ من خلالها يمكن معرفة مدى تقبل الناس واستعدادهم لأي حدث من الممكن توقعه، أو حدوثه، والتنبؤ بردود الأفعال مسبقًا، وهذا يسهِّل كثيرًا على صنَّاع القرار في اتخاذ القرار المناسب .
وربما قد يكون لإطلاق الشائعة نتيجة لمشكلة نفسية تصيب الشخص نفسه، أو لدى شعوره بالغيرة، أو بدعوى الحسد والحقد من باب أذية الغير كسلوك سلبي أو من باب التقليد في مجتمع تنتشر فيه الشائعات فيحاكي مجتمعه، أو لعله من حب الشخص للفت الانتباه والأنظار حتى يتميز بأخباره الجديدة، وموضوعاته المتنوعة حين يجد قبولاً لها في محيطه، ومطلق الشائعة قد يعاني مشكله سلوكية أكثر منها نفسية، خاصة من يمتلك مشاعر عدائية لأناس معينين، فيحاول تشويه سمعة من يعاديه، أو الدخول في شرفه، وعرضه، وتكون منتشرة بين النساء أكثر من الرجال، ولا يقتصر الوضع على مواقع التواصل فنجدها حتى في الاجتماعات الأسرية.
ومطلق الشائعة دائما يجعلها مقصودة ويكون الارتباك في نسبها لمصدر مختلف كلما أعادها بـ «سمعت» أو «علمت» من مصادر متعددة، والمشكلة كذلك تمتد لمن يصدق الشائعة ويقع في قلبه حقيقة كل ما يسمع وهو ما يشجع مطلقها ويعززه ويدعمه فكلما أطلقها ولقي مردودها زاد أكثر وأكثر، فالمتلقي إذاً له دور أيضا والإنسان المنطقي والواقعي هو من لا يصدق إلا ما يراه بعينه ويسمعه بأذنه، وما ينتشر في مواقع التواصل من شائعات تطال المشايخ والعلماء ولاعبي الكرة والممثلين والنجوم دائما يكون بهدف تشويه سمعتهم، وقذفهم، وهو راجع لتربية الشخص نفسه، وهذا ما يطلق عليه في علم النفس بالشخصية المنافية لأخلاق المجتمع أو الشخصية «السيكوباتية» العدائية كما ذكرنا سابقا .
ونلاحظ كذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي ( البلاك بيري ، والتويتر ...) وغيرها من الوسائل استخدمت كوسيلة من اجل بث الشائعات ، وقد يرجع تحليل هذا السلوك من باب الترفيه وجذب الانتباه وكذلك العدوانية، وأن مروّج الشائعة يُسقط ما يضمره في نفسه، كالخوف أو الإهمال أو الخيانة أو الرشوة أو التضليل، على الآخرين ، وغالباً ما يركّز المروجون للشائعات على وتر الوطنية، والجنس، لتكون أسرع انتشاراً وأكثر تداولاً بين المتلقّين، و أن مطلق الشائعة يعاني فقدان الهدف في حياته، فيبحث عن أمور قد تكون تافهة، لكنها في نظره ذات هدف عظيم، فيصرف جهده ووقته عليها، مشيرة إلى أن كثيرا منهم يعانون أمراضا نفسية، واتزانهم مفقود، فيسعون وراء أمور سطحية، ويطلقون لخيالهم العنان فيها ظناً منهم أنها أمور تستحق البت فيها، ويستطيعون أن يجذبوا الكثير إليهم، ودافعهم الحقد دائما.

الدكتور / العربي عطاء الله
استشاري في الإرشاد النفسي والأسري