728 x 90



img

الطفل يسير في رحلة الحياة وفق مواقف يومية ومؤثرات يشاهدها ويتطبع بها، فهي طبيعة جبل وولد عليها وجاء ليكتشف قدراته وينظر إلى عالمه الجديد المتغير والذي يفسح له باب كبير في مجال يطلق عليه الموهبة، لذا يحرص الآباء على أن يكون ابنه لديه موهبة في جانب معين! ولكن السؤال الأهم كيف نصنع من أبنائنا موهبة مذهلة؟ وكيف نكتشفها ونساعدهم على ذلك؟
إن عملية اكتشاف الموهبة تتطلب جهدا كبيرا يتمثل في خمسة أمور، الأول منها دور الأسرة والأبوين في تهيئة المكان بالمنزل فمنذ الوهلة الأولى التي يخرج فيها الطفل على هذه الدنيا يحتاج أن يتواجد في مقر تتوفر فيه كافة وسائل الابداع فمن خلالها تُبنى عنده المهارات التي يكتسبها سواء كانت علمية أو اجتماعية أو حتى ترفيهية عن طريق الألعاب والوسائل التعليمية والتثقيفية التي يوفرها الأب في غرفة خاصة للإبداع تساعد الطفل على اكتشاف موهبته، فعندما يقضي وقته بين ألعابه المتنوعة غير المقتصرة على الترفيه فقط سنكتشف فيه روح الموهبة في أي نشاط يقوم به في هذه الغرفة.
وتأتي النقطة الثانية بعد مرحلة التهيئة المنزلية وهي التواصل اللفظي الفعال، فلا شك أن للكلمة قوة هائلة في صقل أي عمل ينفذه الطفل مهما كان بسيطا فكلمة واحدة تشعل لديه الحماس لتقديم أفضل ما عنده من مهارات، ويشترط أن تكون هذه الكلمات ممزوجة بمدح النشاط ذاته الذي يقوم به الطفل مثل قول (استخدامك للون الأخضر في رسمك للمربع جدا جميل وعمل رائع) ولا أقدم له عموميات فالطفل يعشق كلمة تساعده لا كلمة تجرحه وتؤخره عن تقديم ما يتمتع به من قوة مهارية.
ويلاحظ على الطفل في رحلته السعيدة حاجته لمشاركة الآخرين له، وفائدة ذلك هو الاقتراب أكثر من طفولة هذا الصغير الذي ينضج أمام عينيك وتتعرف على ما يفكر به ويلعب، وما هي هوايته التي يحب أن يمارسها؟ فدون مشاركته أبسط أنشطته سيشعر بفجوة كبيرة يعيشها مع نفسه، ولن يحظى بحب كبير لأنشطته لأنك ستكون بعيدا عن عالمه الذي يحتاج فيه أقرب الناس إليه وهم الوالدين اللذان يمدانه بطاقة إيجابية أثناء ويتصف من خلالها الأبوين بطابع الطفولة والمرح والتفاعل وعدم لوم الطفل وإصدار أحكام الخطأ في حقه، لأنه في مرحلة نضج واكتساب.
وثالث الأمور تتعلق خارج نطاق المنزل وتتمثل في دور المدرسة ومرحلة رياض الأطفال في اكتشاف مواهب الطفل حيث لهم الجزء الأكبر في حال التحق بالمدرسة ومارس حياته العلمية التي من خلالها سيكتسب الكثير من المهارات وهنا يأتي الدور البارز للمدرسة في البحث عن ما يتمتع به الطفل من ابداعات متنوعة ويتم ذلك من خلال الإذاعة المدرسية والأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية وغرف الترجمة ومعامل الحاسب الالي والعلوم ومكتبة المدرسة كل تلك الحقول ينبع عنها طفل صاحب موهبة، ودور الأبوين في ذلك هو التواصل مع المدرسة للسؤال عن حال ابنهم كيف هو في مجال الأنشطة وما هي المواهب التي يمارسها دائما؟.
ومن دور المدرسة إلى دور المجتمع الذي يعتبر اللبنة الهامة في تكملة بناء الموهبة لدى الطفل وتوفير كافة السبل والأنشطة التي تلبي احتياجاته من هواياته المتنوعة كالنوادي والمراكز التي تُعنى بالموهوبين الصغار، وهنا ينبغي أن يكون الأب على دراية تامة بالأنشطة المجتمعية والبحث عن كل ما هو جديد في سبيل بناء هذا الطفل في جانب الموهبة.
وختام تلك الأمور وهو جانب مهم في حياة الأطفال وهي بيئة الأصدقاء التي ينتمي إليها فلهم دور في نماء تلك الهوايات التي يمارسونها سويا إضافة إلى مشاركة الآخرين ترفع الروح المعنوية والاجتماعية والتواصل المثمر مع منهم في عمره الطفولي كل ذلك يسهم بشكل فعال في اكتساب المواهب.
إن رحلة بناء الطفل تتطلب الكثير من الاهتمام سواء على جانب الأسرة او المدرسة او المجتمع او الأصدقاء فهي دائرة تكاملية تنشأ عنها موهبة ناجحة لها أثرها الفعال في المستقبل الباهر.

أحمد يوسف المالكي
باحث تربوي ومدرب في المهارات الاعلامية والتعليمية للأطفال