728 x 90



img

قررت دولة السويد تقليل ساعات العمل من 8 ساعات إلى 6، والسبب الرئيسي وبوضوح تام جدا: «من أجل رفاهية الشعب!»، ففي نظر اللجنة بسبب تقليل ساعات العمل يستطيع الموظف أن ينجز في وقت قصير وبسرعة، وفي الوقت نفسه بإمكانه قضاء وقته الخاص بأريحية. وبدأت القطاعات الحكومية والخاصة في تنفيذ القرار، ناهيك عن بعض الشركات الخاصة في السويد التي تعتمد على قصر الوقت منذ فترة بعيدة.
في بعض الأحيان أشعر بالبغض عند قراءتي لهذه الأخبار، وأقول في نفسي إلى متى ونحن نحاول ونحاول المقارنة والتعبير عن حاجتنا، خاصة أننا دولة ما زال توجهها اجتماعيا، ما زال المجتمع مرتبطا بالعائلة بجميع مناسباتها، بالإضافة إلى أننا في وضع غير مستقر مع الازدحام، مع الوظائف غير الثابتة، ومع الضغوطات الأسرية!، هل هناك ارتباط مثلا بين اقتصادنا القوي وساعات العمل الطويلة؟! ، هل أفترض بأن الإنتاج أكثر مثلا!، أو أن بقاء الموظف على مكتبه له رسالة معينة نحن لا نراها بعد!.. جلوسي في مكتبي دون هدف عملي معين، وطلبي للقهوة كل ساعة لا يعني أنني أعمل في الغالب، وإنما القهوة هي عامل مساعد لضياع الوقت، اتصالي الدائم على المربية اسأل عن أطفالي وتقول لي إنهم بخير! لا يعني أنني يجب أن أكون مطمئنة عليهم إلى حين عودتي المتأخرة للمنزل، عودتي المتأخرة للمنزل لا تعني أنني ما زالت لدي طاقة «سوبر ومن» حتى ابدأ متابعة واجبات أبنائي، ومستلزمات المنزل المطلوبة والجلوس مع العائلة بشكل عام، هل هناك وقت خاص لصقل موهبة، لتعلم مهارة جديدة، لإنشاء مصدر دخل آخر؟!، هل هناك وقت لنفسك، استرخاء، قراءة، مطالعة، زيارات. أصبح الوقت عدوا لنا، ففي الصباح نتعارك جميعنا (مدارس، جامعات، جهات حكومية، خاصة، وحتى المنشآت) مع الوقت للوصول في وقت مناسب، وفي نهاية اليوم نفس الموال ونفس العراك، بل إن العراك لا ينتهي مع نهاية اليوم، بحيث يبدأ عراك جديد مع ازدحام ما بعد أوقات العمل.
عندما قرأت خبر تقليل الساعات في دولة السويد في موقع «تويتر»، لفت نظري جملة رفاهية الشعب، فأحببت أن أقرا المقال حتى أتوصل إلى معنى كلمة «رفاهية الشعب» في السويد. الرفاهية لم ترتبط بميزانية «أو أن الميزانية لم تكن واضحة بصورة مطلقة في المقال»، إنما الرفاهية تعني باختصار أن الوقت في يدك، تنتج في القطاع العملي، وبإمكانك أن تنتج على الصعيد الشخصي!. كيف نتوقع أن نكون منتجين فعلا دون حصر أنفسنا في ساعات عمل طويلة والمنتوج فيها قليل!، ما الأهم: الإنتاج الشخصي أم الإنتاج العملي؟ هل أستطيع أن أنمي مهارات الكتابة لدي لإنتاج كتب وروايات في المستقبل القريب، أحتاج وقتا، أحتاج مساحة للتفكير، وقد أحتاج دورات وجلسات نقاشية لإثراء الأفكار!، هل لدي الوقت؟.. أحتاج أن أبدأ جدول مهارات لأبنائي يشمل ركوب الخيل، سباحة، قراءة قصص وجميع هذه الأمور تحتاج تواصلا، واهتماما ومتابعة إلخ.. هل لدي الوقت، أم سأظل أتكل على المربية و»اليوتيوب» لصقل مهارات أبنائي! واستمر في القول: «شنسوي هم شر لا بد منه»!. نحن في حاجة ملحة لتقسيم الوقت قسمة صحيحة ننتج فيها على الصعيد العملي والعائلي.;

بثينة الجناحي
زميلة مركز كارتر للصحة النفسية وعضو جمعية وياك