728 x 90



التاريخ: 2017-01-14


الإستشارة:

‏أنا شابٌ في بداية العشرين، انغمست في وحل الإباحية وإدمان العادة السرية لعشر سنوات متواصلة، حتى أثّرت على شخصيتي وسلوكي، في الآونة الاخيرة، أصبحت شخصاً خجولا قلقا متوترا مكتئبا، متعلثم أحيانا، إلا أن منّ الله عليّ بالتوبة، وقد أيقنت أنّني أمضي في المسار الخاطئ، شهرٌ فقط شعرت بلذة الحياة، لاخوف ولا خجل، أقدام وراحة في النفس، وقوة في البدن ..وقعت من جديد، وعدت لشرك الإباحية بعد شهر من السعادة والاستمتاع، والآن عزمت آلا أعود أبدا بتوفيق الله وقوته وبعزيمةٍ كامنة في داخلي .
أثق جيداً بأنّ لي شخصيةٌ قوية، ولطالما اعتليت المنابر، ولكم قدت الصفوف في المدرسة منذ المرحلة الابتدائية ..الآن أشعر بخجلٍ ولكن ليس بالشديد، ولكنّني أتهيب مواجهة الأشخاص والمسؤولين، بالإضافة إلى شعورٍ شديد بالقلق والاكتئاب، خصوصا مع اقتراب موعد الدراسة بالكلية ..
هل بعد الإقلاع والالتزام ببرنامج تأهيلي صحي ورياضي، مع الاعتناء بالجانب الروحي ستعود شخصيتي؟
هل سأرجع بطلاً مقداما لا أتعلثم وأجرأ في كل مكان ؟ هل ستعود لذّة الحياة كما كانت بعد سنوات الضياع؟ أعتذر عن الإسهاب، ولكن لم أجد من أثق بعلمه وبحبه لمجتمعه مثلكم ..
لك كل الشكر والمحبة

الجواب:

أهلا بك أخي الكريم في موقعك (وياك) ويسرنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يغفر لك ما مضى وأن يصلح لك ما بقي.

أخي الحبيب : إننا نحمد الله عليك تلك التوبة التي نسأل الله أن يثبتك عليها، نحمد الله أخي أن بارك في عمرك حتى تبت إلى الله وأنبت، نحمد الله على ذلك .

أخي الفاضل : لا يخفاك وأنت الخطيب والإمام أن باب التوبة مفتوح فلا تقنط من رحمة مولاك، لن يحول بينك وبين الله أحد، أنت عبد وهو رب، وطبيعة العبد الخطأ والعودة إلى الله مع الندم والعزم على عدم العودة، وقد وعد الربّ الرحيم بقبول توبة التائبين ومغفرة ذنوبهم متى ما حسنت توبتهم واستقام سلوكهم. كما لا يخفاك أن الله يفرح لتوبة عبده، فعن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة)) [متفق عليه]، وفي رواية لمسلم: ((لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح)). هذا يثبت لك سعة رحمة الله بنا، فأمّل في الله خيرًا، واعلم أنّ الله كريم غفور رحيم وهو القائل جلّ شأنه: {‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ}، والتعبير بقوله جل شأنه: {لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} يدل على سعة رحمة الله وعدم يأس المؤمن من رحمة الله جل وعز.
بادر بالتوبة إلى الله، وأقبل على ربك، ولا تيأس من رحمة الله، واحذر أن يصور لك الشيطان أنَّ الجرم الذي فعلته -على بشاعته- لا كفارة له ولا منجاة منه، واحذر أن يعظم الشيطان الحرام الذي فعلته ليوهمك أنّك قد ابتعدت عن الطريق المستقيم ولن تصل مرة أخرى إليه، لا -أخي- فالعودة قريبة إن شاء الله، ولعلك تأخذ مما مضى درسًا لك في قابل حياتك تجنبك العثرات.
أخي الحبيب : إننا نرى أنك قادر على التغيير ، ونرى أنك قادر على العودة ، بل إننا نرى أنك قد عدت ، ولا نقول لك أنك مؤهل لأن ترجع كما كنت ، بل نقول لك إنك بعد أن تذوقت مرارة المعصية قادر على أن تكون أفضل مما كنت عليه إن شاء الله تعالى ، ولكن نوصيك أخي حتى تتغلب على شهوتك:

1- زيادة التدين عن طريق الصلاة (الفرائض والنوافل) والأذكار، وصلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل، ولا يخفاك أنَّ الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة قال الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فكل من اتبع الشهوة يعلم قطعًا أنّه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأدّاها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.
2- اجتهد في الإكثار من الصيام فقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)).
3- الشهوةُ نصفُها تفكيرٌ، فإذا ما حضرت الرغبة فاجتهد أن تغير تفكيرك وأن تفكر في عمل مرهق أو تتوضأ وتصلِّي للهَِ ركعتينِ، ثمَّ تخرج من دائرة الحديث الخاص مع النَّفس إلى أحاديث عامة مع النَّاس حتى تحدّ من سيطرة التفكيرِ السلبيِّ. وهذا يدفعنا إلى تحذيرك من الفراغ، وذلك بشغل كل أوقاتك بالعلم أو المذاكرة أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم أن لا تسلم نفسك للفراغ مطلقًا، وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.
4- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، واعلم أنَّ المثيرات سواء البصرية عن طريق الأفلام أو الكلامية أو أيًا من تلك لا تطفئ الشهوة بل تزيدها سعارًا.
5- ننصحك باختيار الأصدقاء بعناية تامة؛ فإنَّ المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، واجتهد في التعرف على أخوة صالحين وتعاهد معهم على الطاعة فما مضى من العمر ليس قليلاً، والحياة مهما طالت قصيرة.
أخيرًا متى ما نجحت هذه الخطة معك فاعلم أنّك معان، وإن تعثرت بعد شهر أو أقل أو أكثر فلا تقل فشلت ولكن قل : استطعت النّجاح فترة ما من الزمن، ومن نجح يومًا نجح شهرًا، ومن نجح شهرًا نجح عامًا، فانهض وابدأ من جديد، نحن واثقون من قدراتك وتفوقكك ، وأنت اليوم على الطريق الصحيح ، فلا تنظر خلفك ولا تتردد ، واعلم أن السائق المحترك هو الذي لا يكثر النظر في المرآة الخلفية كثيرا. وفقك الله يا أخي وسدد خطاك.

د . أحمد المحمدي أحمد متولي
دكتوراه في البحوث والاستشارات , ‏ليسانس حقوق , دبلوم الارشاد الاسري والتربوي

استبيان

هل لغة المستشار واضحة وسهلة الفهم؟

نعم لا نوعا ما

هل ترى أنك حصلت على الجواب الكافي؟

نعم لا نوعا ما

هل شعرت بالارتياح بعد حصولك على الاستشارة؟

نعم لا نوعا ما

هل احتوت أجوبة المستشار على خطوات عملية سهلة التطبيق؟

نعم لا نوعا ما