728 x 90



img

من الطبيعي وللوهلة الأولى من يقرأ عنوان الموضوع يتخيل اننا بصدد التحدث عن الاختطاف الجسدي للأبناء ولكن اتوقع اننا الآن نعيش حالة اصعب واخطر من ذلك بكثير وهي الاختطاف الفكري والثقافي والذهني .. طفلي يعيش بجواري وامام عيني ولكن بجسده فقط .. الآن وفي عصر العولمة وبعد الثورة التكنولوجية والانفتاح على العالم وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي اصبح العالم الافتراضي هو العالم المفضل لدى كثير من الاطفال .. اصبح للأطفال اصدقاء من عدة دول وعدة جنسيات بل وعدة اديان ومعتقدات مختلفة .. فهناك يجد من يتحدث معه ويجد ايضا من يصغي اليه ويجد من يلعب معه .. ونحن كآباء وامهات منشغلين عنهم متحججين بتأمين الحياة الأفضل لهم ولا نعلم عنهم ولا عن اصدقاءهم ولا عن احتياجاتهم النفسية الا القليل وتكون النتيجة هروبه الى العالم الافتراضي الذي لا نضمن فيه من يقابل ومع من يتحدث ومن يوجهه .. فالطفل في هذه اللحظة التي ينفتح فيها على العالم دون رقابه واهتمام من الأهل تبدأ معه رحلة الاختطاف ..

فإن بعض الدراسات تشير إلى أن استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دون رقابه واهتمام من الاباء والامهات يعرض الأطفال والمراهقين إلى مواد ومعلومات خيالية وغير واقعية مما يعيق تفكيرهم وتكيفهم وينمي بعض الأفكار غير العقلانية وخصوصا ما يتصل منها بنمط العلاقات الشخصية وأنماط الحياة والعادات والتقاليد السائدة في المجتمعات الأخرى.

فمن الوارد جدا ان يجد من يصدر له افكارا غريبه على مجتمعنا العربي والإسلامي ووارد جدا ايضا ان يقع في يد من يستخدمه في اعمال غير قانونية او غير اخلاقية ..

فلو قمت بزيارة احد المؤسسات العقابية للمراهقين ستستمع الى ان اغلب الأسباب تعود الى انشغال الاباء والامهات عن اطفالهم في الفترة التي كان احوج اليهم من صديق سوء احتواه ووجهه الى طريق الشر

بل انه من المؤسف ان ترى بعض الابناء في سن المراهقة وتسأله اسئلة بديهيه سواء في الدين او الثقافة العامة وتجده لا يجيب ولكن لو سألته عن المطرب او اللاعب او الممثل يجاوبك بكل طلاقه

ومن المؤسف ايضا ان ترى بعض الابناء فاقدين للهُوية لا يتحدث الا بلغة اجنبيه وان حدثته بالعربية تكون الإجابة باللغة الاجنبية وحين تسأله لماذا لم تجبني بالعربية يقول لك لا اعرف ..

اذن علينا ان ندرك اننا نواجه خطر حقيقي لا نعي مدى تأثيره على ابناءنا الا بعد فوات الأوان .. فعدم اهتمامنا بأبنائنا ومتابعتهم عن كثب وغرس القيم الدينية و الأخلاقية ومساعدتهم في تحديد اهدافهم المستقبلية واحتوائهم بالشكل الذي لا يجعلهم يضطرون الى الهروب الى هذا العالم الافتراضي تكون نتيجته اختطافهم ذهنيا وفكريا ووجدانيا ..

عزيزي الأب .. عزيزتي الأم لقد اهتم الإسلام بالأبناء في كل مراحل حياتهم؛ أَجِنَة، ورُضعًا، وصبيانًا، ويافعين، إلى أن يَصِلوا إلى مرحلة الرجولة والأنوثة، بل اهتمَّ الإسلام بهم قبل أن يكونوا أَجِنَّةً في بطون أُمَّهَاتهم.

((عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لأَنْ يُؤَدِّبَ الرَّجُلُ وَلَدَهُ أَوْ أَحَدُكُمْ وَلَدَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَتَصَدَّقَ كُلَّ يَوْمٍ بِنِصْفِ صَاعٍ )) . صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

حفظ الله ابنائكم واسعد بهم قلوبكم ورزقكم برهم .